قوله:"من فعل فقد أحسن" أي: من فعل الإيتار فقد أحسن في فعله، أي أتى بالفعل الحسن.
ولتضمن "مَن" معنى الشرط دخل في جوابه "الفاء".
قوله:"ومن لا فلا حرج" أي: ومن لم يفعل الإيتار فلا حرج عليه أيِ: لا إثم عليه. وقد دل نفي الحرج على أن الإيتار ليس بواجب، وإنما هو مندوب كما ذكرناه.
قوله:"ومن استجمر" أي: ومن تمسح بالحجارة فليوتر، أي: فليجعل الحجارة التي يستنجى بها فردًا، إما واحدة أو ثلاثًا أو خمسًا. وهذا حجة قوية لأبي حنيفة ومن تبعه في هذه المسألة؛ لأن الإيتار يقع على الواحد كما يقع على الثلاث.
وقد قيل في قوله:"من استجمر فليوتر" إنه البخور، مأخوذ من الجَمْر الذي يُوقد به، وقد كان الإِمام مالك يقوله، ثم رجع عنه.
قوله:"ومن تخلل فليلفظ" أي: من تخلل بالخِلال فيما بين أسنانه بعد الأكل، فليلفظ الذي يخرج منه، أي: فليرم؛ لأن اللفظ في اللغة من الرمي، يقال: أكلت التمرة ولفظت نواها، أي: رميتها. وهذا أيضًا من الأمور الإرشادية.
قوله:"ومن لاك" من اللوك، يقال: لكت الشيء في فمي ألوكهُ، إذا علكته، وقد لاك الفرسُ اللجامَ.
قوله:"فليبتلع" أمر من الابتلاع، البلع والابتلاع بمعنى.
وإنما أمر في التخلل بالرمي -يعني رميِ الخُلالة- لأنها تُنْتن بين الأسنان فتصير مستقذرة.
وروي عن ابن عمر أن تركها يُوهن الأضراس.
وفي اللوك بالابتلاع (١)؛ لأن رميِ اللقمة بعد لوكها إسراف وبشاعة للحاضرين.
(١) "وفي اللوك بالابتلاع" يعني: وأمر في اللوك بالابتلاع، وهو تتمة لقوله السابق: "وإنما أمر في التخلل ... " إلخ.