وأخرجه أحمد (١): من حديث حميد، عن أنس:"أنه - عليه السلام - أخر ليلةً العشاء إلى شطر الليل ... " الحديث.
ص: وقد روي عنه - عليه السلام - في ذلك أيضًا ما هو أولى من هذا.
حدثنا علي بن معبد وأبو بشر الرقي، قالا: ثنا حجاج بن محمد، عن ابن جريج، قال: أخبرني المغيرة بن حكيم، عن أم كلثوم بنت أبي بكر، أنهما أخبرته عن عائشة أم المؤمنين - رضي الله عنها - أنهما قالت:"أعتم النبي - عليه السلام - ذات ليلة حتى ذهب عامة الليل وحتى نام أهل المسجد، ثم خرج فصلى، وقال: إنه لولا أن أشق على أمتي".
ففي هذا أنه صلاها بعد مضي أكثر الليل، وأخبر أن ذلك وقت لها، فثبت بتصحيح هذه الآثار أن أول وقت العشاء الآخرة من حين يغيب الشفق إلى أن يمضي الليل كله، ولكنه على أوقات ثلاثة: فأما من حين يدخل وقتها إلى أن يمضي ثلث الليل فأفضل وقت صليت فيه، وأما من بعد ذلك إلى أن يتم نصف الليل دون ذلك، وأما بعد نصف الليل دون كل ما قبله.
ش: أي قد روى عن النبي - صلى الله عليه وسلم - في كون ما بعد نصف الليل وقتًا من وقت العشاء ما هو أولى وأقرب، من حديث أنس - رضي الله عنه - الذي فيه ذكر شطر الليل، وهو حديث عائشة - رضي الله عنها - فإنه يدل على أنس - رضي الله عنه - صلاها بعد ذهاب أكثر الليل؛ لأنها قالت:"حتى ذهب عامة الليل، وحتى نام أهل المسجد، ثم خرج فصلى". فإن عامة الليل: معظمه وأكثره، ثم إن النبي - عليه السلام - أخبر أن ذلك وقت لها.
وأخرجه بإسناد صحيح على شرط مسلم، عن علي بن معبد بن نوح، وعن أبي بشر عبد الملك بن مروان الرقي، كلاهما عن حجاج بن محمد المصيصي الأعور، عن عبد الملك بن جريج المكي، عن المغيرة بن حكيم الصنعاني، عن أم كلثوم بنت أبي بكر الصديق - رضي الله عنها - عن عائشة أم المؤمنين - رضي الله عنها -.