للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فهذا جابر - رضي الله عنه - يخبر أن ذلك القول من النبي - عليه السلام - إنما كان للمتخلف عما لا ينبغي التخلف [عنه] (١) فليس في هذا ولا شيء مما تقدمه الدليل على الصلاة الوسطى ما هي.

قال أبو جعفر -رحمه الله -: فلما انتفى بما (ذكره) (٢) أن يكون فيما روينا عن زيد بن ثابت - رضي الله عنه - في شيء من ذلك دليل؛ رجعنا إلى ما روي عن ابن عمر - رضي الله عنهما - فإذا ليس فيه حكايته عن النبي - عليه السلام -، وإنما هو من قوله؛ لأنه قال: "هي الصلاة التي وُجِّه فيها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلى الكعبة".

ش: أي خلاف ما روي عن ابن مسعود - رضي الله عنه - من أن حديث التحريق لأجل الجمعة، وخلاف ما روي عن أبي هريرة من أنه لأجل صلاة العشاء الآخرة، بيان ذلك: أن جابرًا - رضي الله عنه - سئل عن حديث التحريق، فقال: لم يكن ذلك من النبي - عليه السلام - لأجل حال الصلاة، وإنما كان ذلك لأجل رجل بلغ النبي - عليه السلام - عنه شيء أوجب ذلك، فحينئذ لم يكن فيما روي عن زيد بن ثابت - رضي الله عنه - الذي مضى ذكره في أول الباب دليل على كون الصلاة الوسطى ما هي؟ فإذا كان كذلك يُرجع إلى ما روي عن عبد الله بن عمر وهو قوله: "إنا كنا نتحدث أنها الصلاة التي وُجِّه فيها رسول الله - عليه السلام - إلى الكعبة"، وهو أيضًا لا يدل على شيء من ذلك؛ لأنه ليس فيه حكايته عن النبي - عليه السلام -، وإنما هو إخبار عن قوله؛ لأنه قال من قوله: "إنها الصلاة التي وُجِّه فيها رسول الله - عليه السلام - إلى الكعبة" فحينئذ لم يتم الدليل على مُدَّعي من يَدَّعِي أن الصلاة الوسطي هي الظهر. مُحْتَجًّا بما روي عن زيد بن ثابت وعبد الله بن عمر - رضي الله عنهم -.

ورجال حديث جابر ثقات، غير أن في عبد الله بن لهيعة مقالًا، على أن أحمد قد وثقه ومال إليه الطحاوي أيضًا، وأبو الزبير اسمه محمد بن مسلم المكي.

وهذا قد أخرجه أسد السنة في "مسنده".


(١) في "الأصل، ك": "عليه"، والمثبت من "شرح معاني الآثار".
(٢) كذا في "الأصل، ك"، وفي "شرح معاني الآثار": "ذكرناه".

<<  <  ج: ص:  >  >>