للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأصحاب عبد الله أنهم كانوا أشد تأخيرًا للعصر ممن بعدهم، فلما جاء هذا من أفعالهم ومن أقوالهم مؤتلفًا على ما ذكرناه، وروي عن النبي - عليه السلام - أنه كان يصليها والشمس مرتفعة، وفي بعض الآثار: "محلقة" وجب التمسك بهذه الأخبار، وترك خلافها، وأن تؤخر العصر حتى لا يكون تأخيرها يُدْخِلُ مُؤخِّرَها إلى الوقت الذي أخبر أنس بن مالك -في حديث العلاء- أن النبي - عليه السلام - قال: "تلك صلاة المنافقين" فإن ذلك الوقت هو الوقت المكروه تأخير صلاة العصر إليه، فأما ما قبله من وقتها مما لم تدخل الشمس فيه صفرة، وكان الرجل يمكنه أن يصلي فيه صلاة العصر، ويذكر الله -عز وجل- فيها متمكنًا ويخرج من الصلاة والشمس كذلك فلا بأس بتأخير العصر بلى ذلك الوقت، فذاك أفضل؛ لما قد تواترت به الآثار عن النبي - عليه السلام -، وعن أصحابه من بعده، ولقد روي عن أبي قلابة أنه قال: "إنما سميت العصر لتُعصَر".

حدثنا بذلك صالح بن عبد الرحمن، قال: ثنا سعيد بن منصور، قال: ثنا هشيم، قال: أنا خالد، عن أبي قلابة قال: "إنما سميت العصر لتعصر".

قال أبو جعفر -رحمه الله-: فأخبر أبو قلابة أن اسمها هذا إنا هو لأن سبيلها أن تعصر، وهذا الذي استحببناه من تأخير العصر، من غير أن يكون ذلك إلى وقت قد تغيرت فيه الشمس أو دخلتها صفرة، وهو قول أبي حنيفة وأبي يوسف ومحمد بن الحسن -رحمهم الله.

ش: أي قد روي عن أصحاب النبي - عليه السلام - من بعده ما يدل على استحباب تأخير العصر، أخرج ذلك عن اثنين من الصحابة وهما عمر بن الخطاب وأبو هريرة، وواحد من التابعين وهو إبراهيم النخعي.

أما أثر عمر - رضي الله عنه - فقد أخرجه بإسناد رجاله ثقات ولكنه مرسل؛ لأن نافعًا لم يدرك عمر بن الخطاب - رضي الله عنه -.

وأخرجه مالك في "موطإه" (١) بأتم منه، عن نافع مولى عبد الله بن عمر: "أن


(١) "موطأ مالك" (١/ ٦ رقم ٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>