قوله:"وسؤرهم" أي سؤر بني آدم طاهر، وهذا عام في كل آدمي سواء كان مسلما أو كافرا صغيرا أو كبيرا ذكرا أو أنثى طاهرا أو نجسا حائضا أو جُنبا إلَّا في حال شرب الخمر لنجاسة فمه حينئذ، وقيل: هذا إذا شرب الماء من ساعته، فأما إذا شرب بعد ساعة [...](١) يبلع بصاقه فيها ثلاث مرات يكون طاهرا عند أبي حنيفة، خلافا لهما بناء علي مسألتين:
إحداهما: إزالة النجاسة الحقيقية عن الثوب والبدن بما سوى الماء من المائعات الطاهرة.
والثانية: إزالة النجاسة الحقيقية بالغسل في الأواني ثلاث مرات، وأبو يوسف مع أبي حنيفة في المسألة الأولى ومحمد في الثانية، لكن اتفق جوابهما في هذه المسألة لأصلين مختلفين:
أحدهما: أن الصب شرط عند أبي يوسف فلم يوجد.
والثاني: أن ما سوى الماء من المائعات ليس بطهور عند محمَّد.
قوله:"فسؤر ذلك حرام" فإن قلت: لا يلزم من كون سؤرهما حراما كونه نجسا.
قلت: القصد ها هنا بيان أقسام اللحمان وإثبات النجاسة في هذا القسم يحصل ضمنا؛ وذلك لأنه لم يحرم إلَّا لقذارته ونجاسته، وقد قال بعض أصحابنا: نجاسة سؤر الكلب حكم ثابت بدلالة الإجماع؛ لأن الإجماع لما انعقد على وجوب غسل الإناء بولوغه كان لهذا الإجماع دلالة على نجاسة الماء؛ لأن لسان الكلب لم يلاق الإناء وإنما لاقى الماء، ولما ورد الشرع بتنجس الإناء مع أن لسانه لم يلاق الإناء فلأن يَرِد بتنجيس الماء ولسان الكلب لاقاه كان أولى.
فإن قيل: يمكن أن يكون المراد من الأمر بالغسل من الولوغ لكونه قد نجس الإناء فحينئذ كان لسانه ملاقيا للإناء فلم يتم الاستدلال بالأولوية.