للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ابن المبارك وداود، وهو المنصوص عن أحمد، وبه قالت جماعة من الحنفية، وذكر أبو بكر الرازي أنه مقتضى مذهب أبي حنيفة.

قلت: ولذلك قال الشيخ حافظ الدين النسفي: وهي آية من القرآن أنزلت للفصل بين السور، وهذا القول فيه الجمع بين الأدلة، وعن ابن عباس: "كان النبي - عليه السلام - لا يعرف فصل السورة حتى نزل عليه {بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ}. وفي رواية "لا يعرف انقضاء السورة".

رواه أبو داود، (١) والحاكم (٢) وقال: إنه على شرط الشيخين وأما تلاوة النبي - عليه السلام - حين أنزلت عليه {إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ}.

فهو ما رواه مسلم، (٣) وأبو داود، (٤) والنسائي (٥): عن أنس - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - عليه السلام -: "أنزلت عليَّ آنفًا سورة، فقرأ {بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ} حتى ختمها، قال: هل تدرون ما الكوثر؟ قالوا: الله ورسوله أعلم. قال: فإنه نهر وعدنيه ربي في الجنة".

فإن قيل: لو لم تكن التسمية من أول كل سورة لما قرأها النبي - عليه السلام - بالكوثر.

قلت: لا نسلم أنه يدل على أنها من أول كل سورة، بل يدل على أنها آية مفردة، والدليل على ذلك ما ورد في حديث بدء الوحي: "فجاءه الملك فقال له: اقرأ فقال: ما أنا بقاريء -ثلاث مرات- ثم قال له: {اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ} " فلو كانت البسملة من أول كل سورة، لقال: اقرأ بسم الله الرحمن الرحيم اقرأ بسم ربك.


(١) "سنن أبي داود" (١/ ٢٦٩ رقم ٧٨٨).
(٢) "مستدرك الحاكم" (١/ ٣٥٥ رقم ٨٤٥).
(٣) "صحيح مسلم" (١/ ٣٠٠ رقم ٤٠٠).
(٤) "سنن أبي داود" (٢/ ٦٥٠ رقم ١٤٧٤٧).
(٥) "المجتبى" (٢/ ١٣٣ رقم ٩٠٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>