للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ويُستفاد منه: أن المستحب ألَّا ينقص عن الثلاث، فإن اقتصر على مرتين جاز وليس عليه بأس؛ لما ورد في الحديث السابق: "فليغسل يديه مرتين أو ثلاثًا".

فإن قيل: فإن اقتصر على مرة ماذا يكون حكمه؟

قلت: ظاهر ما رواه البخاري (١): عن عبد الله بن يوسف، أنا مالك، عن أبي الزناد، عن الأعرج، عن أبي هريرة، أن رسول الله - عليه السلام - قال: "إذا توضأ أحدكم فليجعل في أنفه (ماء) (٢) ثم لينثر، ومن استجمر فليوتر، وإذا استيقظ أحدكم من (منامه) (٣) فليغسل يديه قبل أن يدخلها في وضوئه؛ فإن أحدكم لا يدري أين باتت يده" يشعر بجواز الاكتفاء على واحدة ولكن المستحب ألَّا ينقصها عن الثلاث؛ لما تقرر من القواعد: أن المطلق يحمل على المقيد عند اتحاد الحكم.

ص: قالوا: فلما روي هذا عن النبي - صلى الله عليه وسلم - في الطهارة من البول لأنهم كانوا يتغوطون ويبولون ولا يستنجون بالماء، فأمرهم بذلك إذا قاموا من نومهم؛ لأنهم لا يدرون أين باتت يدهم من أبدانهم فقد يجوز أن تكون كانت في موضع قد مسحوه من البول (أو) (٤) الغائط فيعرقون [فتتنجس] (٥) بذلك أيديهم فأمر النبي - عليه السلام - بغسلها ثلاثًا، وكان ذلك طهارتها من الغائط أو البول إنْ كان أصابها، فلما كان ذلك يُطهّر من البول والغائط وهما أغلظ النجاسات؛ كان أحرى أن يطهر مما هو دون ذلك من النجاسات.

ش: أي قال أهل المقالة الثانية: "فلما روي هذا" أي حديث المستيقظ من النوم.

قوله: "وهما أغلظ النجاسات" جملة وقعت حالا.


(١) "صحيح البخاري" (١/ ٧٢ رقم ١٦٠).
(٢) ليست في "صحيح البخاري"، وأشار الحافظ في "الفتح" إلى أنها مذكورة في رواية أبي ذر فقط.
(٣) في "صحيح البخاري": "نومه".
(٤) تكررت من الناسخ في "الأصل".
(٥) في "الأصل، ك": يتنجس أوله "ياء" آخر الحروف.

<<  <  ج: ص:  >  >>