قوله:"كان أحرى" أي كان الثلاث أولى أن يطهر مما دون البول والغائط من النجاسات.
ص: وقد دلّ على ما ذكرنا من هذا ما قد روي عن أبي هريرة من قوله بعد رسول الله - عليه السلام - كما قد حدثنا إسماعيل بن إسحاق تُرُنْجَه قال: ثنا أبو نعيم، قال: ثنا عبد السلام بن حرب، عن عبد الملك، عن عطاء، عن أبي هريرة:"في الإناء يلغ فيه الكلب أو الهرّ، قال: يُغسل ثلاث مرات" فلما كان أبو هريرة قد رأى أن الثلاث تطهر الأناء من ولوغ الكلب فيه، وقد روي عن النبي - عليه السلام - ما ذكرنا، ثبت بذلك نسخ السبع؛ لأنا نحسن الظن به ولا نتوهم عليه أنه يترك ما سمعه من النبي - عليه السلام - إلَّا إلي مثله، وإلَّا سقطت عدالته فلم يقبل قوله ولا روايته.
ش: أي قد دل على ما ذكرنا من قولهم: "قالوا: فلما روي ... " إلى آخره "ما قد روي عن أبي هريرة" و"ما" في محل الرفع على أنه فاعل "دلّ". تحرير ذلك: أن أبا هريرة أفتي بغسل الثلاث من ولوغ الكلب، والحال أنه روى عن النبي - عليه السلام - الغسل بالسبع فدل ذلك أن الأمر بالسبع قد نُسخ وأن النسخ قد ثبت عنده، وإنما قلنا ذلك لأن الراوي إذا ظهرت منه المخالفة فيما رواه قولًا أو فعلا فإن كان ذلك تنازع قبل الرواية فإنه لا يقدح في الخبر، ويحمل على أنه كان ذلك مذهبه قبل أن يسمع الحديث فلما سمع الحديث رجع إليه، وكذلك إنْ لم يُعلم التاريخ؛ لأن الحمل على أحسن الوجهين واجب ما لم يتبين خلافه، وهو أن يكون ذلك منه قبل أن يبلغه الحديث ثم رجع إلى الحديث، وأما إذا عُلم ذلك منه بتاريخ بعد الحديث فإن الحديث يخرج به من أن يكون حجة؛ لأن فتواه بخلاف الحديث أو عمله من أبين الدلائل على الانقطاع وأنه لا أصل للحديث، فإن الحال لا يخلو إما أن [تكون](١) الرواية تقوّلا منه لا عن سماع، فيكون واجب الرد، أو تكون فتواه وعمله بخلاف الحديث على وجه قلّة المبالاة والتهاون بالحديث؛ فيصير به فاسقا لا تقبل روايته أصلا، أو يكون