للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والتابعين، وليس في نسيان ابن مسعود لذلك ما يستغرب، قد نسي ابن مسعود من القرآن ما لم يختلف فيه المسلمون بعد، وهي المعوذتان، ونسي ما اتفق العلماء على نسخه كالتطبيق، ونسي كيفية قيام الاثنين خلف الإِمام، ونسي مالم يختلف العلماء فيه: أن النبي - عليه السلام - صلى الصبح يوم النحر في وقتها، ونسي كيفية جمع النبي - عليه السلام - بعرفة، ونسي مالم يختلف العلماء فيه من وضع المرفق والساعد على الأرض في السجود، ونسي كيف كان يقرأ النبي - عليه السلام - {وَمَا خَلَقَ الذَّكَرَ وَالْأُنْثَى} (١) وإذا جاز على ابن مسعود أن ينسى مثل هذا في الصلاة، كيف لا يجوز مثله في رفع اليدين انتهى؟!

والجواب عن ذلك.

أما قوله: "لأن رفع اليدين قد صح عن النبي - عليه السلام -، فنقول قد صح أيضًا تركه.

كما في رواية الترمذي (٢) وقال: حديث حسن صحيح.

وأما قوله: "ثم الخلفاء الراشدين" فممنوع إذ قد صح عن عمر وعلي - رضي الله عنهما - خلاف ذلك كما نذكره إن شاء الله تعالى، والذي روي عن عمر - رضي الله عنه - في الرفع في الركوع والرفع منه ذكره البيهقي بسنده، وفيه من هو مستضعف ولهذا قال (٣): ورويناه عن أبي بكر وعمر، وذكر جماعة، ولم يذكره بلفظ الصحة كما فعل ابن إسحاق المذكور، وذكر في الجوهر النقي: ولم أجد أحدًا ذكر عثمان - رضي الله عنه - في جملة من كان يرفع يديه في الركوع والرفع منه.

وأما قوله: "ثم الصحابة والتابعين" فغير صحيح أيضًا، فإن من الصحابة من قصر الرفع على تكبيرة الافتتاح، وهم الذين ذكرناهم فيما مضي.

وقال ابن أبي شيبة في "مصنفه" (٤): ثنا وكيع، عن أبي بكر بن عبد الله بن قطاف


(١) سورة الليل، آية: [٣].
(٢) "جامع الترمذي" (٢/ ٤٠ رقم ٢٥٧) وقال: حديث حسن.
(٣) انظر "الجوهر النقي بذيل سنن البيهقي" (٢/ ٨٠).
(٤) "مصنف ابن أبي شيبه" (١/ ٢١٣ رقم ٢٤٤٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>