فليس الظن بعلي - رضي الله عنه - أنه يختار فعله على فعل النبي - رضي الله عنه -, ولكن ليس أبو بكر النهشلي ممن يحتج بروايته أو تثبت به سنة لم يأت بها غيره.
قلت: كيف يكون هذا الطريق واهيًا ورجاله ثقات؟! فقد رواه عن النهشلي جماعة من الثقات: ابن مهدي وأحمد بن يونس وغيرهما، وأخرجه ابن أبي شيبة في مصنفه كما ذكرناه، والنهشلي أخرج له مسلم وغيره كما ذكرنا، ووثقه ابن حنبل وابن معين وقال أبو حاتم: شيخ صالح يكتب حديثه. وقال الذهبي في كتابه: رجل صالح تكلم فيه ابن حبان بلا وجه، وبقية الرواة ثقات أيضًا وقد ذكرناه.
وقال الطحاوي (١) في كتابه "الرد على الكرابيسي ": الصحيح مما كان عليه علي بعد النبي - رضي الله عنه - ترك الرفع في شيء من الصلاة غير التكبيرة الأولى.
فكيف يكون هذا الطريق واهيًا؟! بل الطريق الواهي هو ما رواه ابن أبي رافع، عن علي - رضي الله عنه - لأن في سنده عبد الرحمن بن أبي الزناد وفيه مقال كما ذكرناه.
وقوله:"فليس الظن بعلي - رضي الله عنه - ... " إلى آخره لخصمه أن يعكسه ويجعل فعله بعد النبي - رضي الله عنه - دليلًا على نسخ ما تقدم, إذ لا يظن به أنه يخالف فعله - رضي الله عنه - إلا بعد ثبوت نسخه عنده كما بيناه.
ثم حديث عبد العزيز بن عبد الله بن أبي سلمة أخرجه من طريقين:
الأول: عن محمَّد بن خزيمة، عن عبد الله بن رجاء، عن عبد العزيز بن أبي سلمة، عن عبد الله بن الفضل، عن عبد الرحمن الأعرج، عن عبيد الله بن أبي رافع، عن علي.
الثاني: عن إبراهيم بن أبي داود البرلسي، عن عبد الله بن صالح، وأحمد بن خالد الوهبي، كلاهما عن عبد العزيز ... إلى آخره.
(١) هذا الكلام وما بعده هو نص كلام ابن التركماني في "الجوهر النقي" كما في ذيل "السنن الكبرى" للبيهقي (٢/ ٧٩).