ص: وأما حديث ابن عمر - رضي الله عنهما - فإنه قد روي عنه ما قد ذكرناه عن النبي - عليه السلام - ثم روي من فعله بعد النبي - عليه السلام - خلاف ذلك، كما قد حدثنا ابن أبي داود، قال: أنا أحمد بن عبد الله بن يونس، قال: ثنا أبو بكر بن عياش، عن حصين، عن مجاهد قال:"صليت خلف ابن عمر - رضي الله عنهما - فلم يكن يرفع يديه إلا في التكبيرة الأولى من الصلاة".
قال أبو جعفر -رحمه الله-: فهذا ابن عمر قد رأى النبي - عليه السلام - يرفع، ثم قد ترك هو الرفع بعد النبي - عليه السلام -، ولا يكون ذلك إلا وقد ثبت عنده نسخ ما قد كان رأى النبي - عليه السلام - فعله، وقامت الحجة عليهم بذلك.
ش: هذا جواب عن حديث ابن عمر الذي هو إحدى حجج أهل المقالة الأولى، وهو الحديث الذي رواه الزهري، عن سالم، عن أبيه قال:"رأيت النبي - عليه السلام - إذا افتتح الصلاة يرفع يديه حتى يحاذي بهما منكبيه، وإذا أراد أن يركع، وبعدما يرفع، ولا يرفع بين السجدتين".
وهذا حديث أخرجه الجماعة، (١) وهو حديث صحيح بلا خلاف، ولكنه منسوخ، والدليل عليه ما رواه مجاهد أنه قال:"صليت خلف ابن عمر فلم يكن يرفع يديه إلا في التكبيرة الأولى من الصلاة".
وقد ذكرنا عن قريب أن الراوي إذا عمل بخلاف ما روى أو أفتى بخلافه دل ذلك على انتساخ الحكم الأول عنده وإلا لم يكن له المخالفة.
وأخرجه الطحاوي بإسناد صحيح على شرط الشيخين: عن إبراهيم بن أبي داود البرلسي، عن أحمد بن عبد الله بن يونس الكوفي شيخ الشيخين وغيرهما، عن أبي بكر بن عياش بن سالم الكوفي المقرئ، عن حصين بن عبد الرحمن السلمي الكوفي، عن مجاهد بن جبر المكي.
(١) أخرجه البخاري (١/ ٢٥٨ رقم ٧٠٥)، ومسلم (١/ ٢٩٢ رقم ٣٩٠)، وأبو داود (١/ ٢٤٩ رقم ٧٢١)، والترمذي (٢/ ٣٥ رقم ٢٥٥)، والنسائي (٢/ ١٢١ رقم ٨٧٦)، وابن ماجه (١/ ٢٧٩ رقم ٨٥٨).