للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فقال الرجل كذا، وقد يكون حصة غير معينة منها لكن باعتبار عهدتها في الذهن نحو: ادخل السوق. وقد يكون جميع أفرادها نحو: {إِنَّ الْإِنْسَانَ لَفِي خُسْرٍ} (١) فإذا لم توجد قرينة البعضية كيف يحمل على العهد، بل يحمل على الاستغراق؛ حتى لا تترجح بعض المتساويات، ولا يفهم من الإطلاق إلَّا الاستغراق، والعهد الذهني موقوف على وجود قرينة البعضية كما قلنا، وأما تخصيص العام بالعادة إنما يكون في موضع يستبعد حمل الكلام على عمومه، نحو ما إذا قال: لا نأكل رأسًا، فإنه يستبعد أن يتناول كلامه رأس العصفور ونحوه، بخلاف الإناء فإنه لا يستبعد -لا عقلًا ولا عادة- أن يتناول الماء والطعام، على أن البعض لم يجوز هذا التخصيص.

قوله: "فإنه" أي التعبد "في الآنية خاصة" احترز به عن الأمر بالغسل في غيرها فإنه للنجاسة.

قوله: "فكان من الحجة عليهم" أي على القوم الذين قالوا بالتعبد.

قوله: "فثبت بهذا" أي بما ذكرنا من قول رسول الله - عليه السلام - أن ولوغ الكلب في الماء ينجس الماء، فحينئذٍ تجب إراقته، وعلي قول الشافعي إذا كان الماء في الإناء مقدار القلتين لم تجب إراقته لأنه طاهر، وأما إذا كان غير الماء فإنه يراق وإنْ كان قلتين أو أكثر، وعن الأوزاعي إذا ولغ الكلب في إناء فيه عشرة أقساط لبن يهرق كله ويغسل الإناء سبع مرات إحداهن بالتراب، وعن المالكية قولان في غير الماء:

أحدهما: أنه طاهر لا يهرق ولكن يغسل الإناء سبعا تعبدا.

والآخر: أنه يهرق ويغسل الإناء سبعا، وقد شنع ابن حزم ها هنا على أبي حنيفة وأساء الأدب وقال: قال أبو حنيفة: لا يغسل الإناء من ولوغ الكلب إلَّا مرة واحدة، وأن كل ما في الإناء يهرق -أي شيء كان- وهذا قول لا يحفظ عن أحد من الصحابة ولا من التابعين؛ إلَّا ما روي عن إبراهيم أنه قال فيما ولغ الكلب:


(١) سورة العصر، آية: [٢].

<<  <  ج: ص:  >  >>