للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

اغسله، وعنه: اغسله حتى تنقيه. ولم يذكر تحديدا وهو قول مخالف لسُنّة رسول الله - عليه السلام - واحتج له بعض مقلديه بأن أبا هريرة قد روي عنه أنه خالفه، وهو باطل؛ لأنه إنما روى ذلك الخبر الساقط عبد السلام بن حرب وهو ضعيف وعلي نحس روايته شَرَطَ الثلاث، فلم يحصلوا إلَّا على خلاف السُّنة وخلاف ما اعترضوا به عن أبي هريرة، فلا النبي - عليه السلام - اتبعوا، ولا أبا هريرة الذي احتجوا به قلدوا.

قلت: هذا كلام في غاية السخافة والتفاهة؛ لأن أبا حنيفة لم يقل فيه بالمرة، ولا أحد من أصحابه، بل مذهبه أن يغسل ثلاث مرات كما أفتي به أبو هريرة، وحفظ هذا عن أبي هريرة، وكيف يقول وهذا قول لا يحفظ عن الصحابة ولما ثبت نجاسة الإناء بالولوغ، ثبت نجاسة ما يجاوره، سواء كان ماء أو غيره، وهو أيضًا محفوظ عن بعض الصحابة والتابعين.

وقد روى عبد الرزاق (١): عن عبد الله بن عمر، عن نافع، عن ابن عمر - رضي الله عنهما -: "أنه كان يكره سؤر الكلب".

وروى (٢): عن ابن جريج قال: "قلت لعطاء: ولغ الكلب في جفنة قوم فيها لبن فأدركوه عند ذلك، فغرفوا حول ما ولغ، قال لا تشربوه".

وحكمه على حديث عبد السلام بالسقوط ساقط باطل؛ لأن الخبر صحيح صححه جماعة من المحدثين كما ذكرناه، وعبد السلام بن حرب ثقة مأمون حافظ، أخرج له الجماعة.

وغمز أيضًا ابن قدامة في "المغني" علينا حيث قال: قال أبو حنيفة: لا يجب العدد في شيء من النجاسات إنما يغسل حتى يغلب على الظن نقاؤه من النجاسة؛ لأنه روي عن النبي - عليه السلام - أنه قال في الكلب يلغ في الإناء: "يغسل ثلاثًا أو خمسًا أو


(١) "مصنف عبد الرزاق" (١/ ٩٨ رقم ٣٣٨).
(٢) "مصنف عبد الرزاق" (١/ ٩٧ رقم ٣٣٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>