للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

حديث الغاشية، وإذا اجتمعا في يوم واحد يقرأ بهما". وقد روينا (١) عن سمرة بن جندب قال: "كان رسول الله - عليه السلام - يقرأ في العيدين {سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى} و {هَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ الْغَاشِيَةِ} (٢) " وفي رواية أخرى (٣): "في صلاة الجمعة" وفي هذا دلالة على أن {سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى} كان قد نزل قبل ذلك بزمان كثير، وروينا عن البراء بن عازب في الحديث الطويل (٤) في هجرة النبي - عليه السلام - قال: "فما قدم يعني رسول الله - عليه السلام - المدينة حتى قرأت سبح اسم ربك الأعلى في سور من المفصل.

وروينا في حديث معاذ بن جبل - رضي الله عنه (٥) - في قصة من خرج في صلاته حين افتتح سورة البقرة أن النبي - عليه السلام - أمره أن يقرأ بسبح اسم ربك الأعلى، والشمس وضحاها، ونحو ذلك، وكان هذا أيضًا قبل مرضه بكثير، وقد تحير صاحب هذه المقالة في خبر معاذ، وصار أمره إلى أن حمله في مسألة "الفريضة خلف التطوع" على أن ذلك كان في وقت تصلى فيه الفريضة الواحدة في يوم واحد مرتين وذلك في زعمه في أول الإسلام، فنزول {سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى} عنده إذن في تلك المسألة في أول الإسلام، وفي هذه المسألة في اليوم الذي توفي فيه رسول الله - عليه السلام -، ليستقيم قوله في الموضعين، وهذا شأن من يسوي الأخبار على مذهبه، ويجعل مذهبه أصلًا، وأحاديث رسول الله - عليه السلام - تبعًا، والله المستعان، ومشهور فيما بين أهل التفسير أن سورة سبح اسم ربك الأعلى، وسورة الواقعة والحاقة اللتين فيهما {فَسَبِّحْ بِاسْمِ رَبِّكَ الْعَظِيمِ} نزلن بمكة وهو فيما رويناه عن الحسن البصري وعكرمة وغيرهما فكيف استجاز هذا الشيخ ادعاء نسخ ما ورد في


(١) أخرجه النسائي في "الكبرى" (١/ ٥٤٧ رقم ١٧٧٤)، وأحمد (٥/ ٧ رقم ٢٠٠٩٢)، والبيهقي في "السنن الكبرى" (٣/ ٢٩٤ رقم ٥٩٨٩).
(٢) سورة الغاشية.
(٣) أخرجها أبو داود (١/ ٣٦٢ رقم ١١٢٥)، والنسائي (٣/ ١١١ رقم ١٤٢٢)، وأحمد (٥/ ١٣ رقم ٢٠١٦٢).
(٤) أخرجه البخاري (٣/ ١٤٢٨ رقم ٣٧١٠).
(٥) تقدم

<<  <  ج: ص:  >  >>