للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

حديث ابن عباس من قول النبي - عليه السلام - وأمره بالدعاء في السجود في مرض موته بما نزل قبله بدهر طويل بالتوهم والله أعلم.

قلت: قول البيهقي: "فأتى بكلام بارد ... " إلى آخره تشنيع بارد صادر عن أريحية تعصب؛ لأن الطحاوي إنما قال: قد يجوز أن تكون هي الصلاة التي توفي بعقبها إلى آخره في حديث ابن عباس؛ لأن حديث ابن عباس ساكت عن بيان وفاته - عليه السلام - في مرضه ذلك أو في يومه الذي قال فيه ذلك، وإنما بيانه ذلك جاء في حديث أنس بن مالك - رضي الله عنه - وهو ما رواه مسلم وغيره.

فقال مسلم (١): حدثني عمرو الناقد وحسن الحلواني وعبد بن حميد -قال عبد: أخبرني، وقال الآخران: حدثنا يعقوب وهو ابن إبراهيم بن سعد، قال: فحدثنا أبي، عن صالح، عن ابن شهاب، قال: أخبرني أنس بن مالك: "أن أبا بكر - رضي الله عنه - كان يصلي لهم في وجع رسول الله - عليه السلام - الذي توفي فيه، حتى إذا كان يوم الاثنين وهم صفوف في الصلاة كشف رسول الله - عليه السلام - ستر الحجرة، فنظر إلينا وهو قائم كأن وجهه ورقة مصحف، ثم تبسم رسول الله - عليه السلام - ضاحكًا، فبهتنا ونحن في الصلاة من فرح بخروج رسول الله - عليه السلام - ونكص أبو بكر على عقبيه ليصل الصف، وظن أن رسول الله - عليه السلام - خارج للصلاة، فأشار إليهم رسول الله - عليه السلام - بيده: أن أتموا صلاتكم، قال: ثم دخل رسول الله - عليه السلام - فأرخى الستر، قال: فتوفي رسول الله - عليه السلام - من يومه ذلك". انتهى.

فهذا ليس فيه ما قال ابن عباس - رضي الله عنهما - في حديثه من قوله: "أما الركوع فعظموا فيه الرب ... " إلى آخره، ولا فيه ما في حديث أنس من بيان وفاته - عليه السلام - في ذلك اليوم؛ فعلمنا أن الحديثين متغايران فمن أين يورد البيهقي عليه ويقول: ولم يعلم أن هذا القول صدر من النبي - عليه السلام - غداة يوم الاثنين والناس صفوف خلف أبي بكر في صلاة الصبح كما دل عليه حديث أنس - رضي الله عنه - فلا نسلم دلالة حديث أنس على أن


(١) "صحيح مسلم" (١/ ٣١٥ رقم ٤١٩) وقد تقدم.

<<  <  ج: ص:  >  >>