للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الركوع والسجود، على ما ذكرنا، ثم الدليل على أن عقبة أسلم بالمدينة ما قاله ابن الأثير في "معرفة الصحابة" (١) روى عنه أبو عُشانة أنه قال: "قدم رسول الله - عليه السلام - المدينة وأنا في غنم لي أرعاها، فتركتها ثم ذهبت إليه، فقلت: تبايعني يا رسول الله، قال: فمن أنت؟ فأخبرته فقال: أيهما أحب إليك؛ تبايعني بيعة أعرابية أو بيعة هجرة؟ قلت: بيعة هجرة، فبايعني" (٢).

فإن قيل: يجوز أن يكون عقبة - رضي الله عنه - حاكيًا للحديث المذكور عمن سمعه من الصحابة من غير حضور منه على ذلك.

قلت: صرح في حديثه بقوله: "لما نزلت {فَسَبِّحْ بِاسْمِ رَبِّكَ الْعَظِيمِ} (٣) قال لنا رسول الله - عليه السلام -: اجعلوها في ركوعكم، فلما نزلت {سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى} (٤) قال لنا رسول الله - عليه السلام -: اجعلوها في سجودكم" (٥) فهذا يرد هذا الاحتمال على ما لا يخفى، ولما طرق سمعي ما نقلته من البيهقي وحطه على الطحاوي صَعُب ذلك شديدًا لا لأجل أنه من أكابر أئمة أصحابنا ولا لأجل أني متعصب له، وإنما ذلك لأجل تعصبه عليه بغير طريق وحطه عليه بغير وجه في غير موضع من كتابه، ولم أجد أحدًا أجاب عنه، ففكرت فيه ساعة مديدة، فلم يفتح لي شيء، ثم صليت على سيد الخلق نبينا محمَّد - صلى الله عليه وسلم - عشر مرات، فكأن ما ذكرته قد صُبَّ في خلدي دفعة واحدة فجرى ذلك على جناني ثم جرى ببناني على البيان، ولله الحمد والمنة، على هذا الفضل والإحسان.


(١) "أسد الغابة" (١/ ٧٧٥).
(٢) وأخرجه الطبراني في "المعجم الكبري" (١٧/ ٣٠٤ رقم ٨٣٩).
(٣) سورة الواقعة، آية: [٧٤، ٩٦]، وسورة الحاقة، آية: [٥٢].
(٤) سورة الأعلى، آية: [١].
(٥) أخرجه ابن ماجه (١/ ٢٨٧ رقم ٨٨٧) , وأحمد (٤/ ١٥٥ رقم ١٧٤٥٠)، والبيهقي (٢/ ٨٦ رقم ٢٣٨٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>