رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حين يفرغ من صلاة الفجر من القراءة ويكبر ويرفع رأسه من الركوع يقول: سمع الله لمن حمده ربنا ولك الحمدُ، اللهم أنج الوليد بن الوليد ... " ثم ذكر الحديث.
فقد يجوز أن يكون قال ذلك لأنه من القنوت، ثم تركه بعدُ لمّا ترك القنوت، فرجعنا إلى غير هذا الحديث هل فيه دلالة على شيء مما ذكرنا؟
فإذا ربيعٌ المؤذنُ قد حدّثنا قال: ثنا أسد، قال: ثنا ابنُ أبي ذئب، عن المَقْبُري، عن أبي هريرة أنه قال: "أنا أشبهكم صلاة برسول الله - عليه السلام -؛ كان إذا قال: سمع الله لمن حمده قال: ربنا لك الحمد".
حدثنا يونس، قال: أنا ابن وَهْب، قال: أخبرني يونسُ، عن ابن شهاب، عن عروة، عن عائشة - رضي الله عنها - قالت: "كُسفت الشمس في حياة رسول الله - عليه السلام -، فصلى بالناس، فلما رفع رأسه من الركوع قال: سمع الله لمن حمده ربنا ولك الحمدُ".
حدثنا أبو بكرة، قال: ثنا إبراهيم بن أبي الوزير، قال: ثنا مالك بن أنس، عن الزهري، عن سالم، عن أبيه: "أن رسول الله - عليه السلام - كان إذا قام من الركوع قال: ذلك".
ففي هذه الآثار ما يدلُّ على أن الإمام يقول من ذلك مثل ما يقول مَنْ صلى وحده؛ لأن في حديث عائشة - رضي الله عنها - رسول الله - عليه السلام - قال ذلك وهو يصلي بالناس، وفي حديث أبي هريرة: "أنا أشبَهكُم صلاة برسول الله - عليه السلام - .... " ثم ذكر ذلك، فأخبر أن ما فعل من ذلك هو ما كان رسول الله - عليه السلام - يفعله في صلاته لا يَفْعل غيرهَ.
وفي حديث ابن عمر ما ذكرنا عنه من ذلك، وهو أيضًا إخبار عن صفة صلاته كيف كانت فلما ثبت عنه أنه كان يقول -وهو إمام- إذا رفع رأسه من الركوع: سمع الله لمن حمده ربنا ولك الحمد. ثبت أن هكذا ينبغي للإمام أن يفعل ذلك، اتباعًا لما قد ثبت عن رسول الله - عليه السلام - في ذلك، فهذا حكم هذا الباب من طريق الآثار.