ش: أشار بهذا إلى الجواب عن حديث أبي حميد الذي احتج به أهل المقالة الثانية كما ذكرناه، تقريره أن يقال: قد تضاد هذا الحديث، أعني حديث وائل بن حجر وحديث أبي حميد، بيان ذلك: أن حديث أبي حميد يدل على أن صفة الجلوس في القعدة الأخيرة هي التورك، وحديث وائل يدل على أنه يفترش اليسرى ويقعد عليها مطلقا من غير قيد بالأخيرة ولا بالأولى، وحديث أبي حميد مقيد، وبين المقيد والمطلق تضاد، فإذا كان الأمر كذلك يجب النظر في حال إسنادي الحديثين هل هما متساويان في الصحة أم لا؟ فنظرنا في ذلك فوجدنا عطاف بن خالد قد روى عن محمَّد بن عمرو بن عطاء، عن رجل:"أنه وجد عشرة من أصحاب النبي - عليه السلام - جلوسًا ... " فذكر نحو حديث أبي عاصم سواء، فبين عطاف أن بين محمد بن عمرو بن عطاء وبين أولئك الصحابة رجلًا، فظهر بهذا فساد حديث أبي حميد؛ لأن الحديث صار عن محمد بن عمرو بن عطاء، عن رجل قال:"سمعت أبا حميد الساعدي في عشرة من أصحاب النبي - عليه السلام - أحدهم أبو قتادة ... " الحديث.
وأهل الإسناد لا يحتجون بمثل هذا؛ لأن فيه مجهولا؛ فيعل به الحديث فيفسد، فلا يعادل حديث وائل ولا يقاربه، ويكون العمل بحديث وائل.
قوله:"فإن ذكروا في ذلك ضعف العطاف بن خالد" اعتراض من جهة أهل المقالة الثانية، تقريره أن يقال: العطاف بن خالد ضعيف؛ لأنه روي عن مالك أنه تكلم فيه، ولم يحمده. وقال الرازي: ليس بذاك. فإذا كان كذلك فكيف يفسد به حديث أبي حميد، وتقرير الجواب: أن في إسناد حديث أبي حميد: عبد الحميد بن جعفر، وأنتم تضعفون عبد الحميد أكثر من تضعيفكم للعطاف، وكان يحيى القطان يضعفه، وكان الثوري يحمل عليه من أجل القدر ويضعفه، وكان أدنى حالا من العطاف، مع إنكم لا تطرحون حديث العطاف كله، بل تقولون: إن حديثه في القديم صحيح كله، وأن حديثه لم يتغير إلا في أخرة، كذا قاله يحيى بن معين في كتابه "الجرح والتعديل"، وقال أبو طالب: سألت أحمد بن حنبل عن عطاف بن خالد، فقال: هو من أهل المدينة، ثقة صحيح الحديث. وعنه: ليس به بأس. وعن يحيى بن معين: ليس به بأس، ثقة صالح الحديث. وقال أبو زرعة: