قلت: ليس الثبوت به، بل هو بالكتاب؛ لأن نفس الصلاة ثابتة به، وتمامها منها بالخبر بيان لكيفية الإتمام، والبيان به يصح كما في مسح الرأس.
الرابع: احتج به أبو يوسف ومحمد والإثنا عشرية المشهورة: أن الصلاة لا تبطل فيها؛ لأنه لم يبق عليه شيء، فاعتراض العوارض عليه كاعتراضها بعد السلام والله أعلم.
ص: ثم قد روي عن النبي - عليه السلام - أيضًا ما يدل على أن ترك السلام غير مفسد للصلاة، وهو أن رسول الله - عليه السلام - صلى الظهر خمسًا، فلما سلم أخبر بصنيعه، فثنى رجله فسجد سجدتين.
حدثنا ربيع المؤذن، قال: حدثنا يحيى بن حسان، قال: ثنا وهيب بن خالد، عن منصور بن المعتمر، عن إبراهيم، عن علقمة، عن عبد الله، عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بذلك.
قال أبو جعفر -رحمه الله-: ففي هذا الحديث أنه أدخل في الصلاة ركعة من غيرها قبل التسليم، ولم ير ذلك مفسدًا للصلاة؛ لأنه لو رآه مفسدا لها إذًا لأعادها، فلما لم يعدها وقد خرج منها إلى خامسة لا بتسليم، دل ذلك أن السلام ليس من صلبها، ألا ترى أنه لو كان جاء بالخامسة وقد بقي عليه مما قبلها سجدة كان بذلك يفسد الأربع؛ لأنه خلطهن بما ليس منهن، فلو كان السلام واجبا كوجوب السجود في الصلاة لكان حكمه أيضًا كذلك، ولكنه بخلافه فهو سنة.
ش: هذا بيان الحجة لمن قال السلام في آخر الصلاة سنة، على من قال: إنه فريضة، وقد بين ذلك بحديث عبد الله بن مسعود الذي رواه عن ربيع بن سليمان المؤذن صاحب الشافعي ... إلى آخره.