فثبت بذلك أن الوتر عند أبي أمامة هو ما ذكرنا، ومحال أن يكون ذلك عنده كذلك وقد علم من فعل النبي - عليه السلام - خلافه ولكن ما علمه من فعل النبي - عليه السلام - معناه ما صرفنا إليه.
ش: إنما ذكر حديث أبي أمامة هذا ليجيب عنه؛ لأن ظاهره كالحجة على أصحابنا في قولهم: إن الوتر ثلاث، وكالاعتراض أيضًا على ما قرره من أن معنى الأحاديث التي رُوِيَت في هذا الباب إذا كشف؛ يَرْجع حاصله إلى أن الوتر ثلاث.
وتقرير الجواب: أن أبا أمامة - رضي الله عنه - أطلق في حديثه على تطوع النبي - عليه السلام - مع وتره وترًا من قبيل (إطلاق)(١) اسم الجزء على الكل، وهذا سائغ شائع في الكلام، فيكون مراده من قوله:"كان يوتر بتسع" أنه كان يتطوع بست ركعات ثم يوتر بثلاث، وكذا قوله:"أوتر بسبع" أنه تطوع بأربع ركعات ثم أوتر بثلاث، كما قد أول بهذا التأويل فيما مضى من أحاديث عائشة - رضي الله عنها -، ثم ذكرنا ما يؤيد صحة هذا التأويل بقوله:"وقد روينا عن أبي أمامة من قوله ما يدل على هذا" أي على ما ذكرنا من التأويل.
وأخرجه بطريق صحيح عن إبراهيم بن مرزوق، عن أبي داود سليمان بن داود الطيالسي، عن سليمان بن حيان -بالياء آخر الحروف المشددة- أبي خالد الأحمر الكوفي الجعفري روى له الجماعة، عن أبي غالب البصري -ويقال: الأصبهاني- صاحب أبي أمامة واختلف في اسمه فقيل: حزور، وقيل سعيد بن الحزور، وقيل: نافع. واختلف فيه أيضًا؛ فقال ابن سعد: منكر الحديث. وقال النسائي: ضعيف. وقال أبو حاتم: ليس بالقوي. وقال الدارقطني: ثقة. وقال الترمذي في بعض أحاديثه: هذا حديث حسن. وفي بعضها: هذا حديث صحيح.