للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

{فَلْتَقُمْ طَائِفَةٌ مِنْهُمْ مَعَكَ} (١) اجعلهم طائفتين فلتقم إحداهما معك فصلِّ بهم ركعةً، فإذا سجدوا -يعني الطائفة الذين معك، والسجود على ظاهره عند أبي حنيفة- فليكونوا من ورائكم يحرسونكم، ولتأت طائفة أخرى -وهم الذين كانوا تجاه العدو- فليصلوا معلى ركعةً، فتكون صلاة الإِمام ركعتين.

وقال أبو بكر الرازي: وفي الآية الأمر لهم بأن يكونوا بعد السجود من ورائهم، وذلك موافق لقولنا، فإذا كانوا كذلك لم يكملوا صلاتهم إلا بعد صلاة الطائفة الثانية الركعة الثانية، وإليه أشار الطحاوي بقوله: "وجعل صلاة الطائفة" أراد به الطائفة الأولى بعد تمام الركعة الأولى مع الإِمام، وعلى مذهب مالك لا يكونون من ورائهم إلا بعد تمام صلاتهم؛ لأنه فسّر السجود بالصلاة، فعلى مذهبه يقضون لأنفسهم بعد صلاتهم مع الإمام ركعةً، ولا يكونون من ورائهم إلا بعد القضاء.

فإذا ثبت بالتقرير المذكور أن الإمام يصليها في حالة الخوف ركعتين؛ لا يجوز أن يترك ذلك بحديث يخالف النص؛ لأن العمل به نسخ للكتاب بخبر الواحد، وذا لا يجوز، وقد يُقال: إن قوله: "وركعةً في الخوف" محمول على أنه مع الإمام حتى لا يكون مخالفًا لغيره من الأحاديث الصحيحة.

ص: ثم قد عارضه عن ابن عباس غيره:

حدثنا على بن شيبة، قال: ثنا قبيصة بن عقبة، قال: ثنا سفيان، عن أبي بكر بن أبي الجهْم، قال: حدثني عبيد الله بن عبد الله، عن ابن عباس قال: "صلى رسول الله - عليه السلام - بذي قَرْد صلاة الخوف، والمشركون بينه وبين القبلة، فصفَّ صفًّا خلفه وصفًّا موازي العدو، فصلى بهم ركعةً، ثم ذهب هؤلاء إلى مصافِّ هؤلاء، ورجع هؤلاء إلى مصافِّ هؤلاء، فصلى بهم ركعةً، ثم سلم عليهم، فكانت لرسول الله - عليه السلام - ركعتان ولكل طائفة ركعة".


(١) سورة النساء، آية: [١٠٢].

<<  <  ج: ص:  >  >>