فكلامه هذا قد دلَّ على أنهم كانوا يفعلون ذلك مع رسول الله - عليه السلام - فيما مضى من أحاديث هؤلاء الصحابة - رضي الله عنهم -.
ص: ثم اعتبرنا بالآثار هل نجد فيها من ذلك شيئًا؟
فإذا أبو بكرة قد حدثنا، قال: ثنا أبو داود، قال: ثنا أبو حرة، عن الحسن، عن أبي موسى:"أن رسول الله - عليه السلام - عليه السلام - صلى بأصحابه صلاة الخوف، فصلى بطائفة منهم ركعة وكانت طائفة بإزاء العدو، فلما صلى بهم ركعة سلم، فنكصوا على أعقابهم حتى انتهوا إلى إخوانهم ثم جاء الآخرون فصلَّى بهم رسول الله - عليه السلام - ركعة، ثم سلَّم، فقام كل فريق فصلوا ركعةً ركعةً".
قال أبو جعفر -رحمه الله-: فقد أخبر في هذا الحديث أنهم قضوا، فبيَّن ما وصفنا أنه يحتمل في الآثار الأول، وكان قوله:"ثم سلَّم بعد الركعة الأولى" يحتمل أن يكون سلامًا لا يريد به قطع الصلاة ولكن يريد به إعلام المأمومين موضع الانصراف.
ش: أي ثم اعتبرنا الأحاديث المروية في هذا الباب هل نجد فيها من ذلك شيئًا؟ أي من التأويل الذي ذكرناه الذي أيده قول حذيفة، فإذا أبو بكرة بكار القاضي قد حدث، عن أبي داود سليمان بن داود الطيالسي، عن أبي حرة واصل ابن عبد الرحمن البصري روى له مسلم، عن الحسن البصري، عن أبي موسى الأشعري واسمه عبد الله بن قيس.
وأخرجه الطيالسي في "مسنده" مرفوعًا، وأخرجه ابن أبي شيبة في "مصنفه"(١) موقوفًا، وقال: ثنا عبد الأعلى، عن يونس، عن الحسن:"أن أبا موسى - رضي الله عنه - صلى بأصحابه بأصبهان، فصلَّت طائفة منهم معه، وطائفة مواجهة العدوّ، فصلى بهم ركعةً، ثم نكصوا وأقبل الآخرون يتخللونهم، فصلى بهم ركعةً، ثم سلَّم، وقامت الطائفتان فصلتَّا ركعةً ركعةً".
قوله:"نكصوا على أعقابهم" أي رجعوا إلى ورائهم، والنكوص: الرجوع إلى وراء، وهو القهقرى، يقال: نكص ينكص من باب نصر ينصر فهو ناكص.