قوله:"فبيَّن" أي حديث أي موسى، وقوله:"ما وصفنا" مفعوله، وقوله:"أنه يحتمل" مفعول "وصفنا".
وقوله:"وكان قوله: ثم سلم ... " إلى آخره، جواب عن سؤال مقدر، تقريره أن يقال: كيف تكون صلاة الخوف ركعتين وقد سلم - عليه السلام - عقيب الركعة الأولى؟ فالسلام فاصل بين الركعتين، فلا تكون إلا ركعة في حق الطائفة الأولى، وركعة أيضًا في حق الطائفة الثانية.
وتقرير الجواب أن يقال: إن سلامه - عليه السلام - يحتمل أن يكون لم يُردْ به قطع الصلاة، وإنما أراد به أن يعلم المأمومين موضع الانصراف إلى جهة العدو لتأتي الطائفة الذين تجاههم، وهذا التأويل أيضًا يرفع التضاد بين الأحاديث ولتتفق معانيها.
ص: حدثنا على بن شيبة، قال: ثنا قييصة، قال: ثنا سفيان (ح).
وحدثنا أبو بكرة، قال: ثنا مؤمل، قال: ثنا سفيان، عن خُصَيْفٍ، عن أبي عبيدة، عن عبد الله قال:"صلى النبي - عليه السلام - صلاة الخوف في بعض أيامه، يصفّ صفًّا خلفه وصفًّا مُوَازِينَ العَدوّ وكلُّهم في صلاة، فصلَّى بهم ركعةً، ثم ذهب هؤلاء إلى مصافّ هؤلاء، وجاء هؤلاء إلى مصافّ هؤلاء، فصلَّى بهم ركعةً ركعةً، ثم ذهب هؤلاء إلى مصافّ هؤلاء، وهؤلاء إلى مصافّ هؤلاء فقضوا ركعةً".
وحدثنا أبو بكرة، قال: ثنا بكر بن بكار القيسي، قال: ثنا عبد الملك بن حسين، قال: ثنا خُصَيْفٌ، عن أبي عُبيدة، عن عبد الله - رضي الله عنه - قال:"صلَّى رسول الله - عليه السلام - صلاة الخوف في حَرّة بني سُلَيم ... " ثم ذكر نحوه غير أنه لم يذكر: "وكلهم في صلاة" وزاد: "وكانوا في غير القبلة".
قال أبو جعفر -رحمه الله-: فقد أخْبَر في هذا الحديث أنهم قضوا ركعةً ركعةً، وأخبر أنهم دخلوا في الصلاة جميعًا، فثبت بما ذكرنا من الآثار أن صلاة الخوف ركعتان، غير أن حديث ابن مسعود ذكر فيه دخولهم في الصلاة معًا، فأردنا أن ننظر: هل عارض هذا الحديث غيره في هذا المعنى؟