للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

في غير القبلة، فتكون الآية مُبينة لصورة الصلاة إذا كان العدو في غير القبلة، ثم بعد ذلك أوحى الله إلى نبيه - عليه السلام - كيف يكون حكم الصلاة إذا كان العدو في القبلة، فيكون النبي - عليه السلام - قد فعل الفعلين جميعًا في الحمالتين وبهما جاء الخبران.

واختار الطحاوي أيضًا ما ذهب إليه أبو يوسف من التوفيق المذكور حيث قال: "وهذا أصح الأقاويل عندنا في ذلك" أي في باب صلاة الخوف و"أولاها" أي أحقها بالقبول والعمل؛ "لأن تصحيح الآثار يشهد له" يعني: إذا جُمِعَت الأحاديث التي رُوِيَتْ في هذا الباب وكشف معناها ترجع كلها إلى المعنى الذي ذكره أبو يوسف، فيكون أولى الأقوال وأحقها بالعمل.

قوله: "وقد دل على ذلك" أي على ما قاله أبو يوسف أن عبد الله بن عباس قد روى عنه عبيد الله بن عبد الله من صلاة النبي - عليه السلام - بذي قرد ما يوافق ما رواه عبد الله بن مسعود وعبد الله بن عمر وحذيفة وزيد بن ثابت - رضي الله عنهم -، وأراد بالموافقة المذكورة هي الموافقة في كيفية الصورة؛ وذلك أن المذكور فيما رواه عبيد الله بن عبد الله، عن ابن عباس، هو أن النبي - عليه السلام - جعل الناس صفين صفًّا خلفه، وصفًّا بإزاء العدو ... إلى آخر ما ذكره، وهذا كالمذكور في أحاديث عبد الله بن مسعود وابن عمر وحذيفة وزيد، ثم روى عن عبد الله بن عباس من رأيه واجتهاده أنه ذهب في صلاة الخوف إلى ما ذكر في حديث أبي عياش الزرقي وجابر بن عبد الله - رضي الله عنهما -.

أخرجه عن سليمان بن شعيب الكيساني، عن عبد الله بن محمَّد بن صالح بن قيس الهاشمي، عن عبد الله بن لهيعة، عن عبد الرحمن الأعرج، عن عبيد الله بن عبد الله، عن عبد الله بن عباس.

وذهاب ابن عباس إلى ما في حديث أبي عياش بعد روايته عن النبي - عليه السلام - ما رواه عنه عبيد الله بن عبد الله يدل على أنهم كانوا يصلون هكذا والعدو في القبلة كما ذكر أيضًا عبيد الله بن عبد الله في روايته عن عبد الله بن عباس: "والمشركون بينهم وبين القبلة؛ لأنه يستحيل أن يكونوا يصلون على ما في حديث أبي عياش والعدو في غير القبلة"؛ وذلك أنهم إذا كانوا لا يستدبرون القبلة والعدو في ظهورهم فبالطريق

<<  <  ج: ص:  >  >>