واختلفوا في بناء الصلاة إذا أمن، فقال مالك: إن صلّى آمنًا ركعةً ثم خاف ركب وبنى، وكذلك إن صلى ركعةً راكبًا وهو خائف ثم أمن نزل وبنى، وهو أحد قولي الشافعي، وبه قال المزني.
وقال أبو حنيفة: إذا افتتح الصلاة آمنًا ثم خاف استقبل ولم يبن، وإن صلى خائفًا ثم أمن بنى.
وقال الشافعي: يبني النازل ولا يبني الراكب. وقال أبو يوسف: لا يبني في شيء من هذا كله، انتهى.
وقال أبو بكر الرازي: قال أبو حنيفة وأبو يوسف ومحمد وزفر: لا يصلي في حال القتال، فإن قاتل في الصلاة فسدت صلاته.
وقال مالك والليث والثوري: يُصلي إيماءً إذا لم يقدر على الركوع والسجود.
وقال الحسن بن صالح: إذا لم يقدر على الركوع من القتال كبرّ بدل كل ركعة.
ص: وقد يجوز أن يكون النبي - عليه السلام - لم يصل يومئذٍ؛ لأنه كان يقاتل، فالقتال عمل، والصلاة لا يكون فيها عمل، وقد يجوزأن يكون لم يصل يومئذٍ؛ لأنه لم يكن أمر حينئذٍ ن يصلي راكبًا، فنظرنا في ذلك.
فإذا ابن مرزوق قد حدثنا، قال: ثنا أبو عامر، وبشر بن عمر، عن ابن أبي ذئب (ح).
وحدثنا يونس، قال: أنا ابن وهب، قال: أنا ابن أبي ذئب، عن سعيد المَقبريّ، عن عبد الرحمن بن أبي سعيد الخدري، عن أبيه قال: "حُبِسْنا يومُ الخندق حتى كان بعد المغرب بهوي من الليل حتى كُفِينا، وذلك قول الله -عز وجل-: {وَكَفَى اللَّهُ الْمُؤْمِنِينَ الْقِتَالَ وَكَانَ اللَّهُ قَوِيًّا عَزِيزًا}(١) قال: فدعى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بلالًا فأقام الظهر، فأحسن صلاتها كما كان يصليها في وقتها، ثم أمره فأقام العصر، فصلاّها كذلك،