للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الزيادة التي في أحاديث غيره فقد ذكرنا أن رواتها قد ظنوا ذلك لطول قيام النبي - عليه السلام - فيها، وأما الزيادة التي في حديث النعمان فصريحة ليس فيها مجال للظن والوهم، فحينئذٍ يجب قبول هذه الزيادة لكونها من الثقة.

وأما قول عروة، فقد قال ابن حزم في "المحلى": عروة أحق بالخطأ من أخيه عبد الله الصاحب الذي عمل بعلم، وعروة أنكر ما لم يعلم. وقد ذهب ابن حزم إلى العمل بما صح ورأى عليه أهل بلده، وقد يجوز أن يكون ذلك اختلاف إباحة وتوسعة غير سنة.

قلت: الصواب عندي أيضًا أن لا يقال: اختلفوا في صلاة الكسوف، بل تخيروا، فكل واحد منهم تعلّق بحديث ورآه أولى من غيره بحسب ما أدى اجتهاده إليه في صحته وموافقته للأصول المعهودة في أبواب الصلاة، فأبو حنيفة تعلّق بأحاديث من ذكرناهم من الصحابة - رضي الله عنهم - ورآها أولى من رواية علي وابن عباس وعائشة - رضي الله عنهم - لموافقتها القياس في أبواب الصلاة، على أن في روايتهم احتمالًا وهو ما ذكره محمَّد بن الحسن في "صلاة الأثر" فقال: يحتمل أنه - عليه السلام - أطال

الركوع زيادة على قدر ركوع سائر الصلوات، فرفع أهل الصف الأول رءوسهم ظنًّا منهم أنه - عليه السلام - رفع رأسه من الركوع فمَن خلفهم رفعوا رءوسهم، فلما رأى أهل الصف الأول رسول الله - عليه السلام - راكعًا ركعوا فمَن خلفهم ركعوا، فلما رفع رسول الله - عليه السلام - رأسه من الركوع رفع القوم رءوسهم ومَنْ خلف الصف الأول ظنوا أنه ركع ركوعين فرووه على حسب ما وقع عندهم، ومثل هذا الاشتباه قد يقع لمن كان في آخر الصفوف، وعائشة - رضي الله عنها - كانت واقفةً في صف النساء، وابن عباس في صف الصبيان في ذلك الوقت، فنقلا كما وقع عندهما، فيحمل على هذا توفيقًا بين الروايات، انتهى.

وفيه نظر؛ لأن هذا الذي ذكره يمكن أن يتمشى في رواية مَنْ روى ركوعين، وأما من روى ثلاث ركوعات أو أربع ركوعات فكيف يتمشى فيه هذا؟! وقد ذكرنا

<<  <  ج: ص:  >  >>