أنه روي عن أبي بن كعب أنه روى عن النبي - عليه السلام - عشر ركعات في ركعتي الكسوف وأربع سجدات، ففي هذا ما ذكره من المحال على ما لا يخفى، ولئن سلمنا نقل عائشة وابن عباس لكونهما في صف النساء والصبيان فلا نسلم ذلك في نقل عبد الله بن عمر وغيره.
وقد قال مناظرٌ لمحمد بن الحسن -رحمه الله-: ألم تعلم أن الحديث إذا جاء من وجهين واختلفا وكانت فيه زيادة كان الأخذ بالزيادة أولى؛ لأن الجائي بها أثبت من الذي نقص الحديث؟ قال: نعم، قال المناظر: ففي حديثنا من الزيادة ما ينبغي أن يرجع إليه، قال محمَّد: فالنعمان بن بشير لا يذكر في كل ركعة ركوعين. قال المناظر: قبلت، فالنعمان يزعم أن النبي - عليه السلام - صلى ركعتين ثم نظر فلم تنجلِ الشمس فقام فصل ركعتين ثم ركعتين ثم ركعتين، أفنأخذ به؟ قال: لا. قلت: فأنت إذا تخالف قول النعمان وحديثنا. انتهى.
قلت: لقائل أن يقول له كما قال لمحمد سواءً: أنت تأخذ بحديث عائشة وجابر وابن عباس؟ فإن قال نعم. قيل له: قد صحّ عنهم ما ذكر من ثلاث ركعات في كل ركعة وست ركعات، وهذه زيادة، أتأخذ بها؟ فإن قال: لا. قيل له: فأنت إذًا تخالف ما ذكرت أنك اعتمدته، وتخالف أيضًا ما ذهبنا إليه من حجتنا.
وقد رأينا حديث أبي بن كعب حديثًا فيه زيادة.
رواه الحكم (١): من حديث أبي جعفر الرازي، عن الربيع بن أنس، عن أبي العالية، عن أبي بن كعب قال:"انكسفت الشمس فصلى النبي - عليه السلام -، فقرأ سورة من الطُّوَل وركع خمس ركعات وسجد سجدتين"، وقال: الشيخان لم يخرجا لأبي جعفر الرازي، وحاله عند سائر الأئمة أحسن الحال، وهذا الحديث فيه ألفاظ زائدة ورواته صادقون، وصححه أيضًا أبو محمَّد الأشبيلي، وأقره الحافظان ابن القطان وابن الموَّاق؛ فكان ينبغي أن يَعْمَل بها من قال بقبول الزيادة من الثقة.