للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قوله: "ثم قد شدّ ذلك" أي قد قوّى وأيّد ما ذكرناه من ترجيح حديث النعمان: ما حكاه قبيصة الهلالي من قوله - عليه السلام -: "فإذا كان كذلك فصلوا كأحدث صلاة صليتموها من المكتوبة" فإنه أخبر في حديثه أن الذي يُصلي في الكسوف هو كالذي يُصلي من المكتوبة، والباقي ظاهر، والله أعلم.

ص: وأما قولهم: إن النبي - عليه السلام - قال: "فإذا رأيتم ذلك فصلّوا حتى تنجلي".

فقالوا: ففي هذا دليل على أنه لا ينبغي أن يَقطع الصلاة إذا كان ذلك حتى تنجلي.

فيقال لهم: فقد قال في بعض هذه الأحاديث: "فصلّوا وادعوا حتى تنكشف".

وقد حدثنا فهدٌ، قال: ثنا أحمد بن يونس، قال: ثنا أبو بكر بن عياش، عن أبي إسحاق عن عبد الله بن السائب، عن عبد الله بن عمرو، قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "إن الشمس والقمر آيتان من آيات الله لا ينكسفان لموت أحد -أراه قال: ولا لحياته- فإذا رأيتم ذلك فعليكم بذكر الله والصلاة".

حدثنا فهد، قال: ثنا أبو كريب قال: ثنا أبو أسامة، عن يزيد بن عبد الله، عن أبي بُردة، عن أبي موسى - رضي الله عنه - قال: "خسفت الشمس على زمان النبي - عليه السلام -، فقام فزعًا -يخْشى أن تكون الساعة- حتى أتى المسجد، فقام فصلى أطول قيام وركوع وسجود ما رأيته يفعله في صلاة قط، ثم قال: إن هذه الآيات التي يرسل الله -عز وجل- لا تكون لموت أحد ولا لحياته، ولكن الله يرسلها يُخوّف الله بها عباده، فإذا رأيتم شيئًا منها فافزعوا إلى ذكر الله تعالى ودعائه واستغفاره".

فأمر النبي - عليه السلام - بالدعاء عندها والاستغفار كما أمر بالصلاة، فدل ذلك أنه لم يُرد منهم عند الكسوف الصلاة خاصّةً، ولكن أريد منهم ما يتقربون به إلي الله -عز وجل- من الصلاة والدعاء والاستغفار وغير ذلك.

<<  <  ج: ص:  >  >>