للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فلما احتمل تركه السجود كل معنى من هذه المعاني لم يكن هذا الحديث بمعنًى منها أولى من صاحبه إلا بدلالة تدل عليه من غيره، ولكنا نحتاج إلى أن نفتش ما بعد هذا الحديث من الأحاديث لنلتمس حكم هذه السورة، هل فيها سجود أم لا سجود فيها؟

فنظرنا في ذلك فإذا إبراهيم بن مرزوق قد حدثنا، قال: ثنا وهب بن جرير، قال: ثنا شعبة. (ح)

وحدثنا علي بن شيبة، قال: ثنا يزيد بن هارون، قال: أنا شعبة، عن أبي إسحاق، عن الأسود، عن عبد الله: "أن النبي - عليه السلام - قرأ {وَالنَّجْمِ}، فلم يبق أحد إلا سجد فيها، إلا شيخٌ كبيرٌ أخذ كفًّا من تراب وقال: هذا يكفيني. قال عبد الله: فلقد رأيته بَعدُ قتُل كافرًا".

ش: هذا جواب عن حديث زيد بن ثابت الذي احتج به أهل المقالة الأولى، تقريره أن يقال: هذا الحديث لا يتم به الاستدلال على نفي السجدة في النجم؛ لأنه يحتمل أمورًا:

الأول: يجوز أن يكون ترك النبي - عليه السلام - السجود فيها حينئذٍ لأنه كان على غير وضوء، ويُبنى على هذا أن سجدة التلاوة ليست على الفور وإنما هي على التراخي، وينبني عليه أيضًا أن الطهارة شرط لسجدة التلاوة، وهو مذهب جمهور العلماء؛ فإنهم اشترطوا الطهارة لها من الأحداث والأنجاس بدنًا ومكانًا وثيابًا وستر العورة واستقبال القبلة، وأن كل ما يفسد الصلاة يفسدها.

وقال ابن حزم وطائفة: لا يشُترط لها الطهارة. وقد ذكرناه عن قريب.

وقال البخاري (١): وكان ابن عمر يسجد على غير وضوء.


(١) "صحيح البخاري" (١/ ٣٦٤) تعليقًا قبل الحديث رقم ١٠٢١ في باب: "سجود المسلمين مع المشركين".

<<  <  ج: ص:  >  >>