للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قوله: "والإمام يخطب" جملة حالية.

قوله: "فقد لغوت" أي: قلت اللغو، وهو الكلام الملغي الساقط الباطل المردود، وقيل: معناه مِلْت عن الصواب، وقيل: تكلمت بما لا ينبغي.

وفي رواية لمسلم: "فقد لغيت" قال أبو الزناد: هي لغة أبي هريرة، وإنما هو: "فقد لغوت".

قال أهل اللغة: لَغَى يَلْغُو لغْوًا، كغزا يغزو غزوًا، ويقال: لَغَى يَلْغِي لَغَى كعمى يعمي لغتان، والأول أفصح، وظاهر القرآن يقتضي الثانية التي هي لغة أبي هريرة قال الله تعالى: {وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَا تَسْمَعُوا لِهَذَا الْقُرْآنِ وَالْغَوْا فِيه} (١) وهذا من لغى يلغي، ولو كان من الأولى لقال: والْغوا -بضم الغين- وقال ابن السكيت وغيره: ومصدر الأول اللغو، ومصدر الثاني لغيٌ.

ثم اعلم: أن في هذا الحديث النهي عن جميع أنواع الكلام حال الخطبة، ونبه بهذا عما سواه؛ لأنه إذا قال: أنصت -وهو في الأصل أمر بمعروف وسماه لغوًا- فغيره من الكلام أولى، وإنما طريقته إذا أراد أن ينهى غيره عن الكلام أن يشير إليه بالسكوت إن فهمه، فإن تعذّر فهمُه فلينبهه بكلام مختصر ولا يزيد على أقل ممكن، واختلفوا فيه، هل هو حرام أم مكروه كراهة تنزيه؟ فهما قولان للشافعي.

قال القاضي: قال مالك وأبو حنيفة والشافعي وعامة العلماء: يجب الإنصات للخطبة.

وحكي عن النخعي والشعبي وبعض السلف أنه لا يجب إلا إذا تلا فيها آية القرآن.

قال: واختلفوا إذا لم يسمع الإِمام، هل يلزمه الإنصاف كما لو سمعه؟ فقال الجمهور: يلزمه. وقال النخعي وأحمد وهو أحد قولي الشافعي: لا يلزمه. وقال


(١) سورة فصلت، آية: [٢٦].

<<  <  ج: ص:  >  >>