للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

صاحب "المحيط": وإن كان بعيدًا عن الخطيب لا يستمع، قيل: يقرأ القرآن في نفسه، وقيل: يسكت، وهو الأصح؛ لأنه مأمور بالاستماع والإنصات، فإن عجز عن الاستماع لم يعجز عن الإنصات فيلزمه، والحكم بن زهير كان يناظر في الفقه وهو من كبار أصحابنا (١).

ص: وقد روي عن النبي - عليه السلام - في مثل ذلك ما قد حدثنا أبو بكرة وابن مرزوق، قالا: ثنا مكيّ بن إبراهيم، قال: ثنا عبد بن سعيد وهو ابن أبي هند، عن حرب بن قيس، عن أبي الدرداء أنه قال: "جلس رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في يوم جمعة على المنبر يخطب الناس، فتلا آيةً وإلى جنبي أبي بن كعب - رضي الله عنه - فقلت له: يا أُبيّ، متى أنزلت هذه الآية؟ فأبي أن يكلمني، حتى إذا نزل رسول الله - عليه السلام - عن المنبر قال: ما لك من جمعتك إلا ما لغوتَ، ثم انصرف رسول الله - عليه السلام -، فجئته، فأخبرته، فقلت: يا رسول الله، إنك تلوت آيةً وإلى جنبي أبي بن كعب فسألته متى نزلت هذه الآية؟ فأبى أن يكلمني، حتى إذا نزلت زعم أنه ليس لي من جمعتي إلا ما لغوت. فقال: صدق، فإذا سمعت إمامك يتكلم فأنصت حتى ينصرف".

ش: أي: قد روي عن النبي - عليه السلام - في منع الكلام وقت الخطبة ووجوب الإنصات ولغو المتكلم مثل ما روي عن أبي هريرة عن النبي - عليه السلام -.

أخرجه بإسناد صحيح، عن أبي بكرة بكار القاضي وإبراهيم بن مرزوق، كلاهما عن مكيّ بن إبراهيم بن بشير البلخي شيخ البخاري، عن عبد الله بن سعيد بن أبي هند الفزاري أبي بكر المدني روى له الجماعة، عن حرب بن قيس المدني وثقه ابن حبان.

وأخرجه أحمد في "مسنده" (٢): ثنا مكي بن إبراهيم، نا عبد الله بن سعيد، عن حرب بن قيس، عن أبي الدرداء قال: "جلس رسول الله - عليه السلام - يومًا على المنبر


(١) انظر "بدائع الصنائع" (١/ ٥٩٢).
(٢) "مسند أحمد" (٥/ ١٩٨ رقم ٢١٧٧٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>