حدثثا أبو بكرة، قال: ثنا أبو عمر الضرير، قال: ثنا حماد بن سلمة وحماد ابن زيد، عن عمرو بن دينار، عن عطاء بن يسار، عن أبي هريرة بذلك ولم يرفعه.
فصار أصل هذا الحديث عن أبي هريرة لا عن النبي - عليه السلام -، وقد خالف أبا هريرة في ذلك جماعة من أصحاب رسول الله - عليه السلام -، وسنذكر ما روي عنهم من ذلك في آخر هذا الباب إن شاء الله تعالى.
حدثنا فهد، قال: ثنا أبو صالح، قال: حدثني الليث، عن عبد الله بن عياش بن عباس القتباني، عن أبيه، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة، عن النبي - عليه السلام - قال:"إذا أقيمت الصلاة فلا صلاة إلا التي أقيمت لها".
فقد يجوز أن يكون أراد بهذا النهي أن يصلى غيرها في موطنها الذي تُصلّى فيه، فيكون مصليها قد وصلها بتطوع، فيكون النهي من أجل ذلك لا من أجل أن تُصلى في آخر المسجد ثم يتنحّى الذي يصليها من ذلك المكان فيخالط الصفوف ويدخل في الفريضة.
ش: أي: وكان من الدليل والبرهان للآخرين -وهم أهل المقالة الثانية- على أهل المقالة الأولى: أن أصل حديث أبي هريرة الذي احتجوا به عن نفس أبي هريرة يعني هو موقوف عليه وليس بمرفوع إلى النبي - عليه السلام -؛ لأن الحفاظ من الرواة الأثبات روَوه عن عمرو بن دينار، عن أبي هريرة موقوفًا عليه، فإذا كان موقوفًا عليه ولم يكن من النبي - عليه السلام - وقد خالف أبا هريرة فيه جماعة من الصحابة - عليه السلام - على ما يجيء بيانه في آخر الباب، فإذن لا تقوم به حجة لأهل المقالة الأولى فيما ذهبوا إليه.
ثم بيّن طريق الوقف بما أخرجه بإسناد صحيح: عن أبي بكرة بكار، عن أبي عمر الضرير وهو حفص بن عمر الحوضي البصري شيخ البخاري وأبي داود، وهو يروي عن الحافظين الكبيرين حماد بن سلمة وحماد بن زيد، وكلاهما يرويان عن عمرو بن دينار، عن عطاء بن يسار، عن أبي هريرة بذلك ولم يرفعاه.