جميعهم أن صلاة من صلى بثوب واحد يستر عورته جائزة، وكان الشافعي يقول: إذا كان الثوب ضيِّقًا يُزرّه أو يخلله بشيء لئلا يتجافي القميص فتُرى من الجيب العورة، فإن لم يَفْعل ورأيت عورته أعاد الصلاة، وهو قول أحمد، وقد رخّص مالك في الصلاة في القميص محلول الإزرار ليس عليه سراويل وهو قول أبي حنيفة وأبي ثور، وكان سالم يُصلّي محلول الإزرار، وقال داود الطائي: إذا
كان عظيم اللحية فلا بأس به، وحكى معناه الأثرم عن أحمد.
وقال ابن التين: لا خلاف بين العلماء أن المصلي إذا تقلص مئزره أو كشفت الريح ثوبه وظهرت عورته ثم رجع الثوب في حينه وفوره أنه لا يضر ذلك المصلي شيئًا، وكذلك المأموم إذا رأى من العورة مثل ذلك، إنما يحرم النظر معالعمد ولا يحرم النظر فجأة، وإن صحت صلاة الإِمام فأحرى أن تصحّ صلاة المأموم، وقال ابن القاسم: إن فرّط في ردّ إزاره فصلاته وصلاة من تأمل عورته باطلة.
وعن سحنون: إن رفع الريح ثوب الإِمام فانكشف عن دبره فأخذه مكانه أجزأه ويعيد كل من نظر إلى عورته ممن خلفه ولا شيء على من لم ينظر. وروي عنه أيضًا: أن صلاته وصلاة من خلفه باطلة وإن أخذه مكانه.
وعن الشافعي: لو انكشف شيء من العورة في الصلاة بطلت صلاته، ولا يُعْفى عن شيء منها ولو شعرةً من رأس الحرة أو ظفرها، وعند أحمد: يُعْفى عن القليل ولم يحُدّه.
وفي بعض شروح "الهداية": الانكشاف القليل عندنا لا يمنع، وكذا الكثير في الزمن القليل وهو أن لا يؤدي فيه ركنًا من أركان الصلاة، حتى لو انكشفت عورته في الصلاة فغطاها في الحال لا تفسد صلاته، وإذا أدى ركنًا فسدت ولا يصح شروعه في الصلاة مع الانكشاف.