والشافعي وأبا يوسف ومحمدًا وجمهور العلماء؛ فإنهم أجازوا الصلاة في أعطان الإبل لعموم قوله - عليه السلام - "جُعلت لي الأرض مسجدًا وطهورًا"، ويأتي الجواب عن الحديث المذكورة الآن إن شاء الله تعالى.
ص: وكان من الحجة لهم: أن هذه الآثار التي نهت عن الصلاة في أعطان الإبل قد تكلم الناس في معناها وفي السبب الذي من أجله كان النهي، فقال قوئم: أصحاب الإبل من عادتهم التغوط بقرب إبلهم والبول فينجِّسون بذلك أعطان الإبل، فنهى عن الصلاة في أعطان الإبل لذلك لا لعلة الإبل، وإنما هو لعلة النجاسة التي تمنع من الصلاة في أي موضع ما كانت، وأصحاب الغنم من عادتهم تنظيف مواضع غنمهم وترك البول فيه والتغوط فأبيحت الصلاة في مرابضها لذلك.
هكذا روي عن شريك بن عبد الله أنه كان يفسّر هذا الحديث على هذا المعنى.
وقال يحيى بن آدم: ليس من قبل هذه العلة عندي جاء النهي، ولكن من قِبَل أن الإبل يُخاف وثوبها فتعطب من تلاقي حينئذٍ، ألا ترى أنه يقول: إنها جنّ ومن جنٍّ خلقت، وفي حديث رافع بن خديج، عن رسول الله - عليه السلام - أنه قال:"إن لهذه الإبل أوابد كأوابد الوحش" وهلا فغير مخوف من الغنم؛ فأمر باجتناب الصلاة في معاطن الإبل خوف ذلك من فعلها, لا لأن لها نجاسة ليس للغنم مثلها، وأبيحت الصلاة في مرابض الغنم لأنه لا يُخاف منها ما يخاف من الإبل.
حدثني خلاد بن محمَّد، عن ابن الثلجي، عن يحيى بن آدم بالتفسيرين جميعًا.
حدثنا فهد، قال: ثنا عبد الله بن صالح، قال: حدثني معاوية بن صالح، أن عياضًا قال:"أنما نهي عن الصلاة في أعطان الإبل؛ لأن الرجل يستتر بها ليقضي حاجته".