للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عائشة أنها قالت: "كنت أحب أن أدخل البيت فأصلي فيه، فأخذ رسول الله - عليه السلام - بيدي فأدخلني في الحجر فقال: صلّي في الحجر إذا أردت دخول البيت، فإنما هو قطعة من البيت، فإن قومك اقتصروا حين بنوا الكعبة فأخرجوه عن البيت".

وأخرجه الترمذي (١): عن قتيبة، عن عبد العزيز ... إلى آخره نحوه، وقال: هذا حديث حسن صحيح.

وأخرجه النسائي (٢) أيضًا.

قوله: "فأدخلني الحِجْر" بكسر الحاء وسكون الجيم وهو اسم للحائط المستدير إلى جانب الكعبة الغربي؛ سُمّي به لأنه حجر من البيت، أي منع من دخوله في بنائه ولكنه في حكم البيت حتى إذا طاف من داخل الحجر لا يعتد به، وسُمّي الحطيم أيضًا لأنه حُطم من البيت أي كُسر.

ص: فهذا رسولُ الله - عليه السلام - قد أجاز الصلاة في الحجر الذي هو من البيت، فقد ثبت بما ذكرنا تصحيح قول مَنْ ذهب إلى إجازة الصلاة في البيت، فهذا حكم هذا الباب من طريق تصحيح معاني الآثار.

وأما حكمه من جهة النظر، فإن الذين يَنْهون عن الصلاة فيه إنما نهوا عن ذلك لأن البيت كله عندهم قبلة، قالوا: فمَنْ صلى فيه فقد استدبر بعضه فهو كمُسْتدبر بعض القبلة فلا تجزئه صلاته، فكان من الحجة عليهم في ذلك: أنَّا رأينا من استدبر القبلة أو ولاها يمينه أو شماله أن ذلك كله سواء، وأن صلاته لا تجزئه، وكان مَنْ صلى مُسْتقبل جهةٍ من جهات البيت أجزأته الصلاة باتفاقهم، وليس هو في ذلك مستقبل جهة القبلة كلها؛ لأن ما عن يمين ما استقبل من البيت، وما عن يساره ليس هو مُسْتقِبله، فلما كان لم يتعبد باستقبال جهات كل البيت في صلاته وإنما يتعبد باستقبال جهة من جهاته


(١) "جامع الترمذي" (٣/ ٢٢٥ رقم ٨٧٦).
(٢) "المجتبى" (٥/ ٢١٩ رقم ٢٩١٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>