ص: وخالفهم في ذلك آخرون، فقالوا: مَنْ فعل ذلك فقد أساء وصلاته مجزئة عنه.
ش: أي خالف القوم المذكورين جماعة آخرون، وأراد بهم: الثوري وعبد الله ابن المبارك والحسن البصري والأوزاعي وأبا حنيفة والشافعي ومالكًا وأبا يوسف ومحمدًا رحمهم الله؛ فإنهم قالوا صلاة المنفرد خلف الصف جائزة ولكنه يأثم , أما الجواز فلأنه متعلق بالأركان وقد وجدت، وأما الإساءة فلوجود النهي عن ذلك وهو قوله - عليه السلام -: "لا صلاة لفرد خلف الصف". ومعناه: لا صلاة كاملة على ما نقرره إن شاء الله تعالى.
ص: وقالوا: ليس في هله الآثار ما يدل على خلاف ما قلنا؛ وذلك أنكم رويتم أن النبي - عليه السلام - أمر الذي صلى خلف الصف أن يعيد الصلاة، فقد يجوز أن يكون أمره بذلك لأنه صلى خلف الصف، ويجوز أن يكون أمره بذلك لمعنى آخر كما أمر النبي - عليه السلام - الذي دخل المسجد فصلى أن يعيد الصلاة، ثم أمره أن يعيدها حتى فعل مرارًا في حديث رفاعة وأبي هريرة - رضي الله عنهما -، فلم يكن ذلك لأنه دخل المسجد فصلى ولكنه لمعنًى غير ذلك وهو تركه إصابة فرائض الصلاة فيحتمل أيضًا ما رَوْيتم من أمر النبي - عليه السلام - الرجل الذي صلى خلف الصف أن يعيد الصلاة لا لأنه صلى خلف الصف ولكن لمعنى آخر كان منه في الصلاة، وفي حديث علي بن شيبان معنًى زيادة على المعنى الذي في حديث وابصة، وذلك أنه قال:"صلينا خلف رسول الله - عليه السلام -، فقضى صلاته ورجل فرد يصلي خلف الصف، فقام عليه نبي - عليه السلام - حتى قضى صلاته، ثم قال: استقبل فإنه لا صلاة لفرد خلف الصف".
ففي هذا الحديث أنه أمره أن يعيد وقال:"لا صلاة لفرد خلف الصف" فيحتمل أن يكون أَمْرُهُ إياه بإعادة الصلاة كان للمعنى الذي وصفنا في حديث وابصة.