للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال ابن بطال: روي ذلك عن ابن مسعود وابن عمر وإبراهيم النخعي والشعبي وأبي قلابة، ورواه القاسم عن مالك، وهو قول أشهب وابن الماجشون واختاره ابن حبيب، واستدلوا على ذلك بقوله - عليه السلام -: "وما فاتكم فاقضوا".

ورواه ابن أبي شيبة (١) بسند صحيح عن أبي ذر.

وابن حزم (٢) بسند مثله عن أبي هريرة.

والبيهقي (٣) بسند لا بأس به على رأي جماعة عن معاذ بن جبل - رضي الله عنه -.

والجواب عما استدل به الشافعي ومن معه وهو قوله: "فأتموا" أن صلاة المأموم مرتبطة بصلاة الإِمام، فحمل قوله: "فأتموا" على أَنَّ من قضى ما فاته فقد أتم؛ لأن الصلاة تنقص بما فات، فقضاؤه إتمام لما نقص.

وقال الشيخ محيي الدين: وحجة الجمهور أن أكثر الروايات "وما فاتكم فأتموا"، وأجابوا عن رواية "فاقض ما سبقك" أن المراد بالقضاء الفعل لا القضاء المصطلح عليه عند الفقهاء، وقد كثر استعمال القضاء بمعنى الفعل، فمنه قوله تعالي: {فَقَضَاهُنَّ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ} (٤) وقوله تعالى: {فَإِذَا قَضَيْتُمْ مَنَاسِكَكُمْ} (٥)، و {فَإِذَا قُضِيَتِ الصَّلَاةُ} (٦)، ويقال: قضيت حق فلان، ومعنى الجميع الفعل.

قلنا: أما الجواب عن قوله: "فأتموا" فقد ذكرناه آنفًا.

وأما قوله: المراد بالقضاء الفعل فمشترك الدلالة؛ لأن الفعل يطلق على الأداء والقضاء جميعًا، ومعنى {فَقَضَاهُنَّ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ}: قدرهنّ، ومعنى


(١) "مصنف ابن أبي شيبة" (٢/ ١٣٨ رقم ٧٤٠٢).
(٢) "المحلى" (٥/ ٧٤).
(٣) "السنن الكبرى" (٢/ ٢٩٦ رقم ٣٤٣٣).
(٤) سورة فصلت، آية: [١٢].
(٥) سورة البقرة، آية: [٢٠٠].
(٦) سورة الجمعة، آية: [١٠].

<<  <  ج: ص:  >  >>