حدثنا ابن مرزوق، قال: ثنا أبو الوليد، قال: ثنا شعبة، قال: ثنا عمرو بن مرة، قال: سمعتُ خيثمة بن عبد الرحمن يقول: "صليت إلى جنب ابن عمر - رضي الله عنها -، فرأى في الصَفِّ خللًا، فجعل يَغمزني أن أتقدم إليه وجَعلتُ إنما يَمْنَعني أن أتقدم الضِّنُ بمكاني إذا جلس أن أَبعُدَ منه، فلما أن رأى ذلك تقدَّم هو".
والذي يتقدم من صَفٍّ إلى صفٍّ على ما ذكرنا هو فيما بين الصفين في غير صف فلم يضره ذلك ولم يخرجه من الصلاة، فلو كانت الصلاة لا تجوز إلا لقائم في صف لفسدت على هذا صلاته لما صار في غير صفٍّ، وإن كان ذلك أقل القليل، كما أن من وقف على مكان نجس وهو يصلي أقل القليل أفْسَدَ ذلك عليه صلاته، فلما أجمعوا أنهم يأمرون هذا الرجل بالتقدم إلى ما قد خلا أمامه من الصفّ ولا يُفسُد عليه صلاته كونه فيما بين الصفين في غير صف؛ دلّ ذلك أن مَنْ صلّى دون الصف أن صلاته مجزئة عنه.
ش: تقرير وجه النظر: أن الأخصام كلهم اتفقوا على أن الرجل الذي يصلي وراء الإِمام في صف إذا رأى موضع رجل قد خلا من بين يديه ينبغي له أن يتقدم إلى ذلك الموضع ويقف فيه، ويسدُّ ذلك الخلل، فهذا بالاتفاق لا يضره ذلك ولا يفسد صلاته، فهذا في حالة تقدمه يكون بين الصَّفّين لا في صفّ بعيْنه، ومع هذا لا تفسد صلاته، فلو كانت الصلاة لا تجوز إلا لمن يقوم في صف؛ لكان ينبغي أن تفسد صلاة هذا الرجل حين صار في غير صف في حالة تقدمه، وإن كان ذلك في مدة يسيرة لما كان تفسد صلاة من وقف على مكان نجس وإن كان وقوفه عليه في مدة يسيرة، فلما أجمعوا أن هذا الرجل متقدم إلى الموضع الذي خلا بين يديْه، وأن كونه بين الصفّين في حال تقدّمه لا يفسد عليه صلاته لكونه صار في غير صف، دل ذلك أن من صلى دون الصف أن صلاته لا تفسد وإن كان في غير صفّ قياسًا على ما ذكرنا.