للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كانت منه نهيًا لهم عن السلام عليه هو يصلي، فلما لم يكن في هذه الآثار من هذا شيء، واحتمل من التأويل ما ذهب إليه كل واحد من الفريقين؛ لم يكن ما تأول أحد الفريقين أولى منها مما تأوله الآخر إلا بحجة يقيمها على مخالفه، إما من كتاب، وإما من سنة، وإما من إجماع.

ش: ملخص السؤال: أن هذه الأحاديث وإن كانت حجة لكم في أن الإشارة في الصلاة غير قاطعة لها، فهي حجة عليكم في كراهتكم رد السلام من المصلي بالإشارة؛ لأنه - عليه السلام - قد فعل ذلك.

وملخص الجواب: أن إشارة النبي - عليه السلام - تحتمل وجهين: أحدهما ما ذهب إليه المخالف في أن إشارته كانت ردًّا منه للسلام.

والآخر يحتمل أن تكون إشارته تلك نهيًا منه إياهم عن السلام عليه وهو في الصلاة، فإذا كان كذلك لم يكن لأحد الفريقين أن يرجح أحد الاحتمالين إلا بمرجح من الكتاب أو السنة أو الإجماع وإلا فمتى ذهب أحد الفريقين إلى أحد الاحتمالين يذهب إلى الآخر، فافهم، والله أعلم.

ص: فإن قال قائل: فما دليلكم على كراهة ذلك؟

قيل له: حدثنا أبو بكرة، قال: ثنا مؤمل، قال: ثنا حماد بن سلمة، قال: ثنا عاصم، عن أبي وائل، قال: قال عبد الله: "كنا نتكلم في الصلاة ونأمر بالحاجة ونقول: السلام على الله وعلى جبريل وميكائيل وعلى كل عبد صالح يُعْلم اسمُه في السماء والأرض، فقدمت على النبي - عليه السلام - من الحبشة وهو يصلي، فسلمت عليه فلم يرد، وأخذني ما قَدُم وما حَدُث، فلما قفنى صلاته، قلت: يا رسول الله، أنزل فيّ شيء؟ قال: لا ولكن الله يحدث من أمره ما يشاء".

حدثنا علي بن شيبة، قال: ثنا عبيد الله بن موسى، قال: ثنا إسرئيل، عن أبي إسحاق، عن في الأحوص، عن عبد الله قال: "خرجت في حاجة ونحن نسلم بعضنا على بعض في الصلاة، فلما رجعت فسلمت فلم يرد عليّ وقال: إن في الصلاة شغلًا".

<<  <  ج: ص:  >  >>