حدثنا أبو بكرة، قال: ثنا أبو داود، قال: ثنا المسعودي، عن حماد، عن إبراهيم قال: قال عبد الله بن مسعود - رضي الله عنه -: "قدمت من الحبشة وعهدي بهم وهم يسلمون في الصلاة ويقضون الحاجة، فأتيت رسول الله - عليه السلام -فسلمت عليه وهو يصلي فلم يرد عليّ فلما قضى صلاته قال: إن الله لا يحدث الشيء من أمره ما شاء، وقد أحدث لكم أن لا تكلموا في الصلاة، وأما أنت أيها المسلم فالسلام عليك ورحمة الله".
حدثنا: فهد، قال: ثنا الحماني، قال: ثنا محمد بن فضيل، عن مطرف، عن أبي الجهم، عن أبي الرضراض، عن عبد الله قال:"كنت أسلم على النبي - عليه السلام - في الصلاة فيرد عليّ فلما كان ذات يوم سلمت عليه فلم يرد عليّ فوحدت في نفسي فذكرت ذلك له، فقال: إن الله يحدث من أمره ما يشاء".
ففي حديث أبي بكرة عن أبي داود أن رسول الله - عليه السلام - سلم على الذي سلم عليه بعد فراغه منها، فذلك دليل أنه لم يكن منه في الصلاة رد السلام؛ لأنه لو كان ذلك منه، لأغناه عن الرد عليه بعد الفراغ من الصلاة، كما يقول الذي يرى الرد في الصلاة بالإشارة، وأن المصلى إذا فعل ذلك لمن يسلم عليه في صلاته فلا يجب عليه الرد بعد فراغه من الصلاة.
وفي حديث أبي بكرة أيضًا عن مؤمل:"فلم يرد عليّ فأخذني ما قَدُم وما حَدُث" ففي ذلك دليل أنه يكن منه ردٌّ أصلًا بالإشارة؛ لأنه لو رد عليه بالإشارة يقل: لم يرد عليّ، ولقال: رد علي إشارة، ولما أصابه من ذلك ما أخبر أنه أصابه مما قَدُم وما حَدُث.
وفي حديث علي بن شيبة:"فقال: رسول الله - عليه السلام - إن في الصلاة شغلًا" فذلك دليل على أن المصلي معذور بذلك الشغل عن رد السلام على المسلم عليه، ونهي لغيره عن السلام عليه.
ش: تقدير السؤال أن يقال: إنكم قد قلتم فلما احتمل الوجهين لم يكن لأحد الفريقين أن يرجح أحدهما إلا بمرجح من الكتاب أو السنة أو الإجماع، فما دليلكم على أنكم كرهتم رد السلام بالإشارة في الصلاة؟ وما الذي رجح ما ذهبتم إليه؟