ش: قد ذكر الطحاوي ما رواه الحسن البصري عن عمران بن الحصين - رضي الله عنه - في باب:"الرجل يدخل في الصلاة الغداة فيصلي منها ركعة ثم تطلع الشمس" عن علي بن شيبة، عن روح، عن هشام، عن الحسن، عن عمران بن الحصين قال:"سرينا مع النبي - عليه السلام - في غزاة -أو سَرّية- فلما كان آخر السَّحَر عَرّسنا، فما استيقظنا حتى أيقظنا حر الشمس، فجعل الرجل منا يثب فَزِعًا دَهِشًا فاستيقظ رسول الله - عليه السلام - فأمرنا فارتحلنا من مسيرنا حتى ارتفعت الشمس، ثم نزلنا، فقضى القوم حوائجهم، ثم أمر بلالًا فأذن، فصلينا ركعتين، فأقام فصلى الغداة، فقلنا: يا نبي الله، ألا نقضيها لوقتها من الغد؟ فقال النبي - عليه السلام -: أينهاكم الله عن الربا ويقبله منكم؟! " والمعنى أن الله تعالى أمركم بصلاة واحدة في كل وقت من الأوقات الخمسة، فإذا فأتت عنكم بنوم أو نسيان أو غير ذلك فأتوا ببدلها ومثلها مرة واحدة، ولا تصلوا أكثر من ذلك؛ لأن ذلك يكون زيادة، والزيادة على الجنس ربًا، فالله تعالى قد نهاكم عن الربا، ثم هو كيف يقبله منكم؟! فدل ذلك على انتساخ حديث ذي مخمر وسمرة بن جندب حيث أخبرا فيه أن القضاء يكون مرتين: مرة إذا ذكرها، ومرة من الغد للوقت.
بيان ذلك: أن الصحابة - رضي الله عنهم - لما قالوا: يا رسول الله ألا نقضيها لوقتها من الغد، أجاب النبي - عليه السلام - عن ذلك بشيء يدل على المنع عن ذلك، ولكن لم يكن سؤالهم ذلك إلا من أحد وجهين: إما أنهم قد عاينوا النبي - عليه السلام - قد فعل ذلك قبل هذا الوقت، أو كان قد أمرهم بذلك فيما تقدم، فلذلك سألوا هذا السؤال، فبدون أحد هذين الوجهين سؤالهم مستحيل، فلما أجاب النبي - عليه السلام - في هذا الحديث بما أجاب؛ دل ذلك على أن حكم حديث ذي مخمر وسمرة قد كان قبل ذلك، وأنه انتسخ بهذا؛ لأن المتأخر ينسخ المتقدم، فهذا وجه النسخ في هذا الموضع، فافهم.
وقال الخطابي -رحمه الله -: يشبه أن يكون الأمر بالصلاة حين ذكرها ومن الغد للوقت في حديث ذي مخمر وسمرة للاستحباب، ليحرز فضيلة الوقت في القضاء عند مصادفة الوقت، ويقال: ويحتمل أن يكون - عليه السلام - لم يرد إعادة الصلاة المنسية حتى