يصليها مرتين، وإنما أراد أن هذه الصلاة وإن انتقل وقتها بالنسيان إلى وقت الذكر فإنها باقية على وقتها فيما بعد مع الذكر؛ لئلا يظن ظانٌ أن وقتها قد تغير.
قلت: جاء في حديث أبي قتادة في رواية أبي داود: "فليقض معها مثلها". فهذا يدفع هذا الاحتمال من التأويل، والجواب القاطع ما ذكره الطحاوي -رحمه الله-.
ص: وأما من طريق النظر فإنا رأينا الله -عز وجل- أوجب الصلوات لمواقيتها، وأوجب الصيام لميقاته في شهر رمضان، ثم جعل على من لم يصم شهر رمضان عدة من أيام آخر، فجعل قضاؤه في خلافه من المشهور، ولم يجعل مع قضائه بعدد أيامه قضاء مثلها فيما بعد ذلك؛ فالنظر على ما ذكرنا أن تكون الصلاة إذا نسيت أو فأتت أن يكون قضاؤها يجب فيما بعدها وإن لم يكن دخل وقت مثلها، ولا يجب مع قضائها مرة قضاؤها ثانية؛ قياسًا ونظرًا على ما ذكرنا من الصيام الذي وصفنا، وهذا قول أبي حنيفة وأبي يوسف ومحمد رحمهم الله.
ش: مُلخّص ما قاله من وجه النظر والقياس: أن الصلاة والصوم عبادتان بدنيتان متساويتان في الفرضية والثبوت، ولما كان الواجب في الصوم إذا فات عن أيامه قضاؤه بعدد الإيام الفائتة بدون زيادة عليها؛ كان النظر والقياس على ذلك أن تكون هكذا الصلاة إذا فاتت عن وقتها أن تقضي مرة واحدة ولا يزاد على ذلك، وأن يجب قضاؤها فيما بعد وإن لم يكن دخل وقت مثلها، والله أعلم.
ص: وقد روي ذلك عن جماعة من المتقدمين:
حدثنا ابن مرزوق، قال: ثنا أبو عامر، قال: ثنا مالك بن أنس، عن نافع، عن ابن عمر قال:"من نسي صلاة فذكرها مع الإمام فليصل التي معه ثم ليصل التي نسي ثم ليصل الأخرى بعد".
حدثنا ابن أبي عمران، قال: ثنا أبو إبراهيم الترجماني، قال: ثنا سعيد بن عبد الرحمن الجمحي، عن عبيد الله بن عمر، عن نافع، عن ابن عمر، عن النبي - عليه السلام - مثله.