فإن الحجة عليه في ذلك والدليل -على أن ذلك كان بعد تحريم الميتة وأن هذا كان غير داخل فيما حرم منها- أن ابن أبي داود قد حدثنا، قال: حدثنا المقدمي، قال: ثنا أبو عوانة، قال: ثنا سماك بن حرب (ح).
وحدثنا صالح بن عبد الرحمن، قال: ثنا يوسف بن عدي، قال: ثنا أبو الأحوص، عن سماك، عن عكرمة، عن ابن عباس قال:"ماتت شاة لسودة بنت زمعة، فقالت: يا رسول الله ماتت فلانة -تعني الشاة- قال: فلولا أخذتم مَسْكها، فقالت: يا رسول الله نأخذ مَسْك شاة قد ماتت؟! فقال النبي - عليه السلام -: إنما قال الله: {قُلْ لَا أَجِدُ فِي مَا أُوحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّمًا عَلَى طَاعِمٍ يَطْعَمُهُ}(١) الآية، فإنه لا بأس أن تدبغوه فتنتفعوا به، قالت: فأرسلت إليها فسلخت مَسْكها فدبغته فاتخذت منه قربة حتى تخرقت".
ففي هذا الحديث أن النبي - عليه السلام - لما سألته عن ذلك قرأ عليها الآية التي نزل فيها تحريم الميتة، فأعلمها بذلك أن ما حرم عليهم بتلك الآية من الشاة حين ماتت إنما هو الذي يطعم منها إذا ذكيت لا غيره، وأن الانتفاع بجلودها إذا دبغت غير داخل في ذلك الذي حرم منها.
ش: تقرير السؤال أن يقال: لا نسلم أن إباحة جلود الميتات وطهارتها بالدباغ مطلق، بل إنما كان ذلك قبل أن يحرم الله تعالى الميتات، فلما حرم الله الميتات حرم كل شيء منها وكل جزء من أجزائها بتحريم أصلها.
وأجاب عنه بقوله:"فإن الحجة عليه في ذلك" أي فإن الحجة وأراد بها الجواب على القائل المذكور فيما قاله.
قوله:"والدليلَ" بالنصب، عطف على قوله:"فإن الحجة أي وإن الدليل على أن ذلك كان قبل تحريم الميتة، "وأن جلد الميتة غير داخل فيما حرم منها" أي من الميتة.