للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قوله: "بأن يتحاموا" أي يجتنبوا.

قوله: "فلا يأخذوا" عطف على قوله: "بأن يتحاموا".

ص: ولقد روي في هذا عن جابر بن عبد الله - رضي الله عنه - ما قد حدثنا فهد، قال: ثنا أبو غسان، قال: ثنا محمد بن راشد، عن سليمان بن موسى، عن عطاء بن أبي رباح، عن جابر بن عبد الله - رضي الله عنه - قال: "كنا نصيب مع رسول الله - عليه السلام - في مغانمنا من المشركين الأسقية فنقسمها، وكلها ميتة، فنتنتفع بذلك".

فدل ذلك على ما ذكرنا، وهذا جابر يقول هذا وقد حدث عن رسول الله - عليه السلام - أنه قال: "لا تنتفعوا من الميتة بشيء". فلم يكن ذلك عنده بمضاد لهذا، فثبت أن معنى حديثه عن رسول الله - عليه السلام -: "لا تنتفعوا من الميتة بشيء". غير معنى حديثه الآخر، وأن الشيء المحرم من الميتة في ذلك الحديث، هو غير المباح في هذا الحديث، فكذلك ما روي عن عبد الله بن عكيم، عن رسول الله - عليه السلام - مما نُهي عن الانتفاع به من الميتة هو غير ما أباح في هذه الآثار، ومن أهبها المدبوغة، حتى تتفق هذه الآثار ولا يضاد بعضها بعضًا، وهذا الذي ذهبنا إليه في هذا الباب من طهارة جلود الميتة بالدباغ قول أتيت حنيفة وأبي يوسف ومحمد رحمهم الله.

ش: هذه إشارة إلى لي تأييد صحة ما ذكره من الحجة الأخرى؛ لأن حديث جابر بن عبد الله يصدقها ويصححها، وهذا ظاهر.

وأيضًا إشارة إلى بيان وجه التوفيق بين روايتي جابر بن عبد الله؛ فإنه روى في حديث: "لا تنتفعوا من الميتة بشيء". وهو ما رواه أبو الزبير المكي عنه المذكور فيما مضى.

وروى ها هنا: "كنا نصيب مع رسول الله - عليه السلام - في مغانمنا من المشركين الأسقية".

فبين الحديثين تضاد ظاهرًا، ولكن في الحقيقة إذا صحح معانيهما يتفقان؛ لأن معنى حديثه الأول غير معنى حديثه الآخر، لأن المحرم في حديثه الأول هو الشحم من الميتة على ما ذكرنا، وهو غير المباح في حديثه الآخر وهو الانتفاع بجلود الميتات

<<  <  ج: ص:  >  >>