للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يدل على أن وظيفة الرجلين هو الغسل الوافي، لا الغسل المشابه للمسح كغسل هؤلاء، وما روي من الأحاديث التي فيها المسح صريحا فقد أجبنا عنها في أول الباب، وقول عياض: وقد أمرهم بالغسل بقوله: "أسبغوا الوضوء" غير مُسَلّم؛ لأن الأمر بالإسباغ أمر بتكميل الغسل، والأمر بالغسل فُهِمَ من الوعيد؛ لأنه لا يكون إلَّا في ترك واجب، فلما فُهِمَ ذلك من الوعيد أكده بقوله: "أسبغوا الوضوء" ولهذا ترك العاطف فوقع هذا تأكيدًا عامّا يشمل الرجلين وغيرهما من أعضاء الوضوء؛ لأنه لم يقل: أسبغوا الرجلين، بل قال: أسبغوا الوضوء، والوضوء هو غسل الأعضاء الثلاثة ومسح الرأس، ومطلوبية الإسباغ غير مختصة بالرجلين، فكما أنه مطلوب فيهما فكذلك هو مطلوب في غيرهما.

فإنْ قيل: لِمَ ذكر الإسباغ عامّا، والوعيد خاصّا؟

قلت: لأنهم ما قصّروا إلَّا في وظيفة الرجلين؛ فلذلك ذكر لفظ الأعقاب، فيكون الوعيد في مقابلة ذلك التقصير الخاص، فهذا كله ظهر لي من الأنوار الربانية، وتحقق عندي أنه صواب، فلذلك غيرت هنا ما قلت هناك والله أعلم.

ص: وأما وجهه من طريق النظر: فإنا قد ذكرنا فيما تقدم من هذا الباب عن رسول الله - عليه السلام - ما لمن غسل رجليه في وضوئه من الثواب، فثبت بذلك أنهما مما يغسل في الوضوء، وأنهما ليستا كالرأس الذي يمسح في الوضوء وغاسله لا ثواب له في غسله، وهذا الذي ثبت (بهذه) (١) الآثار هو قول أبي حنيفة، وأبي يوسف، ومحمد -رحمهم الله-.

ش: أبي: وأما وجه هذا الباب من طريق النظر والقياس ... إلى آخره، وهو ظاهر.

قوله: "ما لمن غسل" مفعول "قد ذكرنا"، و"من" موصولة.

وقوله: "من الثواب" بيان لكلمة "ما" فافهم.


(١) تكررت في "الأصل".

<<  <  ج: ص:  >  >>