للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

في الموضعين: العطف؛ لأن معنى العطف: الميل لغة، وفيه معنى الضم؛ لأن العاطف يضم شفقته إلى من يعطف عليه، ويجعلون المعنى: فاغسلوا وجوهكم وأيديكم واغسلوا أرجلكم، على الإضمار والنسق، أما الإضمار فهو تقدير اغسلوا، وأما النسق فهو العطف على اغسلوا وجوهكم، وممن قرأ بالنصب: عليٌّ، وعبد الله بن مسعود، وابن عباس -في رواية- وإبراهيم، والضحاك، ونافع، وابن عامر، والكسائي، وحفص عن عاصم، وعلي بن حمزة، وقال الأزهريّ: وهي قراءة ابن عباس، والأعمش، وحفص عن أبي بكر، ومحمد بن إدريس الشافعي -رحمهم الله-.

وقال الحافظ أبو بكر بن العربي: ثبتت القراءة بثلاث روايات:

الرفع، قرأ به نافع، ورواه عنه الوليد بن مسلم، وهي قراءة الأعمش.

والنصب والجرّ ذكرناهما، وقال الإِمام أبو بكر الرازي -رحمه الله-: وهاتان القراءتان قد نزل بهما القرآن جميعًا ونقلهما الأئمة تلقيّا من رسول الله - عليه السلام - ولا يختلف أهل اللغة أن كل واحدة من القراءتين محتملة للمسح بعطفهما على الرأس، ويحتمل أن يراد بها الغسل بعطفها (على) (١) المغسول من الأعضاء، وذلك لأن قوله: {وَأَرْجُلَكُمْ} بالنصب يجوز أن يكون مراده واغسلوا أرجلكم، ويجوز أنْ يكون معطوفا على الرأس، فيراد بها المسح وإنْ كانت منصوبة فيكون عطفا على المعنى لا على اللفظ؛ لأن الممسوح مفعول به، كقول الشاعر:

مُعاوِيَ إننا بشرٌ فأسجح (٢) ... فلسنا بالجبال ولا الحديدا

فنصب الحديد وهو معطوف على الجبال بالمعنى، وتحتمل قراءة الخفض أنْ يكون معطوفا على الرأس، فيراد به المسح، ويحتمل عطفه على الغسل، ويكون


(١) تكررت في "الأصل".
(٢) كتب في الحاشية بخط مغاير: قوله: "أسجح" أمر من الإسجاح، وهو حسن العفو، والجيم مقدمة على الحاء.

<<  <  ج: ص:  >  >>