للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مخفوضا بالمجاورة، كقوله: تعالى: {يَطُوفُ عَلَيْهِمْ وِلْدَانٌ مُخَلَّدُونَ} (١)، ثم قال: {وَحُورٌ عِينٌ} (٢) فخفضهن بالمجاورة، وهن معطوفات في المعنى على الولدان؛ لأنهن يطفن ولا يطاف بهن، وكما قال الشاعر:

فهل أنت إنْ ماتت أتانك ركبُ ... إلى دار بسطام بن قيس فخاطِب

فخفض خاطِب بالمجاورة، وهو معطوف على المرفوع من قول راكبُ، والقوافي مجرورة، ألا ترى إلى قوله:

فهَلْ مثلُها في مثل حَيّ وكلَّهُم ... على داري بين ليلى وغالِب

فثبت بما وصفنا احتمال كل واحدة من القراءتين المسح، والغسل، فلا يخلو حينئذ القول من أحد معانٍ ثلاثة، إما أنْ يقال: إنَّ المراد هما جميعًا مجموعان فيكون عليه أنْ يمسح، ويغسل فيجمعهما، أو يكون أحدهما على التخيير، يفعل المتوضئ أيهما شاء ويكون ما يفعله هو المفروض، أو يكون المراد أحدهما بعينه لا على وجه التخيير، وغير جائز أنْ يكون هما جميعًا على وجه الجمع لاتفاق الجميع على خلافه، ولا جائز أيضًا أنْ يكون المراد أحدهما على وجه التخيير؛ إِذ ليس في الآية ذكر التخيير، ولا دلالة عليه، ولو جاز إثبات التخيير مع عدم لفظ التخيير في الآية لجاز إثبات الجمع مع عدم لفظ الجمع؛ فبطل التخيير بما وصفنا، وإذ انتفى التخيير والجمع، ولم يبق إلَّا أنْ يكون المراد أحدهما لا على وجه التخيير، فاحتجنا إلى طلب الدليل على المراد منهما، فالدليل على أن المراد الغسل دون المسح اتفاق الجميع على أنه إذا غسل فقد أدى فرضه وأتى بالمراد، وأنه غير ملوم على ترك المسح، فثبتَ أن المراد الغسل، وأيضًا فإن اللفظ للاحتمال الذي ذكرنا مع اتفاق الجميع على أن المراد أحدهما ضار في حكم المجمل المفتقر إلى البيان، فمهما ورد فيه من البيان عن الرسول - عليه السلام - من فعل أو قول، علمنا أنه مراد الله، وقد ورد البيان عنه - عليه السلام - بالغسل قولًا


(١) سورة الواقعة، آية: [١٧].
(٢) سورة الواقعة، آية: [٢٢]. وهي قراءة حمزة والكسائي وأبو جعفر، وقرأ الباقون بالرفع، انظر "البدور الزاهرة" (ص ٣١٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>