قوله:"وَسْطها" قال عياض: كذا ضبطناه عن أبي يحيى وغيره بسكون السين، وكذا ضبطه الجياني، وأما ابن دينار فقد قال: وَسْط الدار ووَسَطها معًا. وقال النووي: هو بسكون السين. وذكر ابن قرقول عن بعضهم فتحها.
قلت: قد ذكرنا أن الوسيط بالسكون يقال في ما كان متفرق الأجزاء غير متصل كالناس والدواب وغير ذلك، فإذا كان متصل الأجزاء كالدار والرأس فهو بالفتح، فعل هذا ينبغي أن يكون وَسَطها ها هنا بالفتح، ويقال: كل منهما يقع موقع الآخر، فعلى هذا يجوز فيه الفتح والسكون.
وفيه من الفوائد: أن يقوم الإِمام بحذاء وسط الميت مطلقًا، ومشروعية الجماعة في صلاة الجنازة، واستدل به بعضهم على أن النفساء لها حكم الطهارة، وأن الدم الموجود بها لا يوجب نجاستها، ومن ذلك قال السفاقسي وابن بطال: قصد البخاري في الباب -يعني باب الصلاة على النفساء الذي ذكر البخاري فيه هذا الحديث- أن النفساء وإن كانت لا تصلي فهي طاهر، لها حكم غيرها من النساء ممن ليست نفساء؛ لأنه - عليه السلام - لما صلى عليها أوجب لها حكم الطهارة، وليس كون الدم موجودًا بها يوجب أن تكون نجسة، وهذا يرد على من زعم أن الآدمي ينجس بموته؛ لأن هذه النفساء أجمعت الموت وحمل النجاسة بالدم اللازم لها، فلما صلى - عليه السلام - عليها، وأبان سنته فيها كان الميت الطاهر الذي لا تسيل منه نجاسة أصلى بإيقاع اسم الطهارة عليه، وقال القرطبي: تأول بعضهم صلاة النبي - عليه السلام - على أم كعب وسط جنازتها من أجل جنينها حتى يكون أمامه.
ص: فذهب قوم إلي هذا فقالوا: هذا هو المقام الذي ينبغي للمصلي على الجنازة أن يقومه من المرأة ومن الرجل.
ش: أراد بالقوم هؤلاء: إبراهيم النخعي وأبا حنيفة في رواية وأحمد في رواية والحسن البصري في قول؛ فإنهم قالوا: ينبغي للمصلي على الجنازة أن يقوم حذاء وسطها سواء كان رجلًا أو امرأة.