للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بعدكم، ومتى تجتمعون على أمر يجتمع الناس عليه، فانظروا أمرًا تجتمعون عليه، فكأنما أيقظهم، فقالوا: نِعْمَ ما رأيتَ يا أمير المؤمنين فأشر علينا، فقال عمر - رضي الله عنه -: بل أشيروا عليَّ، فإنما أنا بشر مثلكم، فتراجعوا الأمر بينهم، فأجمعوا أمرهم على أن يجعلوا التكبير على الجنائز مثل التكبير في الأضحى والفطر أربع تكبيرات، فأجمع أمرهم على ذلك".

فهذا عمر - رضي الله عنه - قد رد الأمر في ذلك إلى أربع تكبيرات بمشورة أصحاب رسول الله - عليه السلام - بذلك عليه، وهم حضروا من فعل رسول الله - عليه السلام - ما رواه حذيفة وزيد بن أرقم، فكانوا ما فعلوا من ذلك عندهم هو أولى مما قد كانوا علموا، فذلك نسخ لما قد كانوا علموا؛ لأنهم مأمونون على ما قد فعلوا كما كانوا مأمونين على ما قد رووا، وهكذا كما أجمعوا عليه بعد النبي - عليه السلام - في التوقيت على حد الخمر، وترك بيع أمهات الأولاد فكان إجماعهم على ما قد أجمعوا عليه من ذلك حجة، وإن كانوا قد فعلوا في عهد النبي - عليه السلام - خلافه، فكذلك ما أجمعوا عليه من محدد التكبير بعد النبي - عليه السلام - في الصلاة على الجنازة؛ فهو حجة وإن كانوا قد علموا من النبي - عليه السلام - خلافه، وما فعلوا من ذلك واجتمعوا عليه بعد النبي - عليه السلام - فهو ناسخ لما قد كان فعله النبي - عليه السلام -.

ش: أشار بهذا الذي أخرجه عن عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - أن التكبيرات على الجنازة لم تكن موقته على عهد النبي - عليه السلام -، ثم أشار بالذي أخرجه عن إبراهيم النخعي: أن الإجماع قد أنعقد على الأربع في أيام عمر بن الخطاب - رضي الله عنه -.

أما الأول فأخرجه من طريقين صحيحين:

أحدهما: عن أبي بكرة بكار القاضي، عن أبي داود سليمان بن داود الطيالسي، عن شعبة، عن عمرو بن مرة بن عبد الله الكوفي الفقيه الأعمى، عن سعيد بن المسيب، والآخر عن إبراهيم بن مرزوق، عن وهب بن جرير، عن شعبة ... إلى آخره.

<<  <  ج: ص:  >  >>