فإن قيل: كيف يكون هذا إجماعًا وعلي - رضي الله عنه - كان يبيع أمهات الأولاد، ولهذا تعلقت به طائفة منهم: داود إتباعًا لعلي - رضي الله عنه - وحكي ذلك أيضًا عن الشافعي، فإنه قال في بعض كتبه بإجازة بيعهن.
قلت: قد اختلف في ذلك عن علي - رضي الله عنه - اختلافًا كثيرًا وأصح شيء عنه في ذلك ما ذكره الحلواني قال: ثنا أحمد بن إسحاق، قال: ثنا وهيب، قال: ثنا عطاء بن السائب، قال: سمعت عبيدة يقول: "كان علي - رضي الله عنه - يبيع أمهات الأولاد في الدين". وقد صح عن عمر في جماعة من الصحابة المنع من بيعهن، والشافعي أيضًا قطع في مواضع كثيرة من كتبه بأنه لا يجوز بيعهن، وعلى ذلك عامة أصحابه، والقول بذلك شاذ لا يلتفت إليه.
ص: فإن قال قائل: وكيف يكون ذلك ناسخًا وقد كبر علي بن أبي طالب - رضي الله عنه - بعد ذلك أكثر من أربع؟ وذكروا في ذلك ما حدثنا يزيد بن سنان، قال: ثنا يحيى بن سعيد القطان، قال: ثنا إسماعيل بن أبي خالد، قال: ثنا عامر، عن عبد الله بن معقل:"أن عليًّا - رضي الله عنه - صلى على سهل بن حنيف - رضي الله عنه - فكبر عليه ستًّا".
حدثنا يزيد، قال: ثنا يحيى، قال: ثنا إسماعيل، قال: ثنا موسى بن عبد الله: "أن عليًّا - رضي الله عنه - صلى على أبي قتادة فكبر عليه سبعًا". قيل له: إنما فعل ذلك؛ لأن أهل بدر كانوا كذلك حكمهم في الصلاة عليهم، يزاد فيها التكبير على ما يكبر على غيرهم من سائر الناس، والدليل على ذلك: أن إبراهيم بن محمد الصيرفي. حدثنا قال: ثنا عبد الله بن رجاء، قال: ثنا زائدة، قال: ثنا يزيد بن أبي زياد، عن عبد الله بن معقل قال:"صليت مع علي - رضي الله عنه - على جنازة فكبر عليها خمسًا، ثم التفت فقال: إنه من أهل بدر، ثم صليت مع علي - رضي الله عنه - على جنائز كل ذلك كان يكبر عليها أربعًا".
حدثنا فهد، قال: ثنا محمد بن سعيد، قال: ثنا شريك، عن جابر، عن عامر، عن ابن معقل قال:"صلى علي - رضي الله عنه - على سهل بن حنيف، فكبر عليه ستًّا، ثم التفت إلينا فقال: إنه من أهل بدر".